التعليم عن بعد و المقاربة بالكفايات
التعليم عن بعد و المقاربة بالكفايات
في إطار التدابير الاحترازية والوقائية التي اتخذها البلاد للحد من انتشار “وباء كورونا المستجد” (Covid19)، قامت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بتوقيف الدراسة في جميع الأقسام والفصول الدراسية انطلاقا من يوم الاثنين 16 مارس 2020، وذلك للحفاظ على سلامة المتعلمات والمتعلمين. وفي المقابل شرعت الوزارة ومنذ اليوم الأول من توقيف الدراسة من تعويض الدروس الحضورية بالدروس عن بعد، عن طريق القنوات التلفزية والمنصات الرقمية، كما لجأ مجموعة من الأساتذة إلى اعتماد مواقع التواصل الاجتماعية للقيام بهذه العملية، الشيء الذي يجعلنا نقف أمام مجموعة من الإشكالات ولعل من أبرزها: ما نجاعة التعليم عن بعد؟ وإلى أي حد يقوم بتعويض الدروس الحضورية؟ وكيف يمكن تنزيل هذه التقنيات الحديثة في ضوء المقاربة بالكفايات باعتبارها تعتمد على دور المتعلم؟
وكما نعلم فإن العملية التعليمية التعلمية تقوم على ثلاثة عناصر أساسية: المدرس والمتعلم والمعرفة (المادة المدرسة)، ونجد أن هذه التقنيات الحديثة تغفل أو تغيب جانب المتعلم، هذا ما يجعلنا نطرح تساؤلا عريضا: ما مدى نجاعة هذا التعلم خصوصا في ضوء المقاربة بالكفايات؟ والتي تجعل من المتعلم محور النشاط التعلمي عوض المدرس أو المضامين وعوض الكتب المدرسية والوسائل الأخرى التي لا تعتبر إلا مجرد أدوات في خدمة العملية التعليمية التعلمية(1).
وفي ظل هذه الظروف التي يعرفها العالم والبلاد على وجه الخصوص من تفشي هذا الوباء، يبقى التعليم عن بعد أقرب وأنجع بديل لاستمرارية الدراسية لتعويض النقص الحاصل بسبب توقيف الدراسة، في أفق تطوير الإمكانيات وتجويد الأطر التعليمية، والبحث أكثر عن تجارب أخرى في محاولة الاستفادة من التجارب السابقة التي قامت بتجربتها الوزارة أو في الدول الأخرى التي اعتمدت هذه التقنيات الحديثة وأعطت نتائج جيدة.
التعليم عن بعد أو(التدريس عن بعد):
هو من التقنيات الحديثة التي تعتمد على تقديم الدروس عن بعد، عن طريق الوسائل الرقمية أو بواسطة دروس مصورة أو تمارين تفاعلية يقوم الأستاذ بمشاركتها مع المتعلمين والمتعلمات.وكما نعلم فإن العملية التعليمية التعلمية تقوم على ثلاثة عناصر أساسية: المدرس والمتعلم والمعرفة (المادة المدرسة)، ونجد أن هذه التقنيات الحديثة تغفل أو تغيب جانب المتعلم، هذا ما يجعلنا نطرح تساؤلا عريضا: ما مدى نجاعة هذا التعلم خصوصا في ضوء المقاربة بالكفايات؟ والتي تجعل من المتعلم محور النشاط التعلمي عوض المدرس أو المضامين وعوض الكتب المدرسية والوسائل الأخرى التي لا تعتبر إلا مجرد أدوات في خدمة العملية التعليمية التعلمية(1).
فنجد أن هناك مفارقات بين التدريس عن بعد وتنزيل هذه المقاربة؛ لأنه لا يمكن الاعتماد في هذه التقنيات على المتعلم، وحتى وإن كان طرفا فيها فإن دوره لا يعدو أن يكون في التلقي والحفظ، الأمر الذي يضعنا أمام عدة إكراهات تعيق جانب التحصيل الجيد.
ذلك أن دور التعلم عن بعد كما جاء في القانون إطار51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، يكون مكملا للدروس الحضورية، ويعتمد في إطار تطوير وسائط التدريس والتعلم(2)، ولا يمكن أن يعتمد كبديل، بل أكثر من ذلك نجد أن الوزارة أعطت الأولية للسنوات الإشهادية مما أغفل فئة عريضة من المتعلمين الذين يدرسون في السنوات غير الإشهادية، مما يعيق سيرورة التعلم وعدم تحقيق الكفاية أو المواصفات المرجوة في أخر كل سنة أوفي سلك من الأسلاك التعليمية، ويترك بعض الهفوات في بعض المستويات.
ومن الإكراهات التي تحول دون تحقيق نجاعة التعلم عن بعد في إطار الوضع الراهن الذي تعيشه المدرسة المغربية نجد منها:
- صعوبة إمكانية الولوج أو متابعة هذه الوسائط والبرامج الإلكترونية للمتعلمين؛ لأن أغلبهم من الطبقة المعوزة أو المتوسطة، ذلك لعدم توفرهم على الإمكانات والوسائل التي يتم بواسطتها تبادل الدروس، الأمر الذي يغيب الجانب الأسمى الذي جاءت من أجله الرؤية الاستراتيجية(2015_2030) وركز عليه القانون الإطار51.17 وهو المساواة والإنصاف وتكافؤ الفرص وضمان التعليم للجميع على حد سواء(3).
- عدم تكوين الأطر (الموارد البشرية) التي تسهر على تقديم هذه الدروس، بخصوص هذا الشأن، مما يقلص فعالية هذا التعلم .
- غياب أو استحالة استعمال مجموعة من الطرق أو البيداغوجيات الحديثة كالعمل بالمجموعات وبالمشروع وحل المشكلات وكذا بيداغوجيا الخطأ والفارقية وغيرها…، وذلك لكونها تعتمد على دور المتعلم داخل العملية التعليمية التعلمية بشكل كبير، لأن إشراك المتعلم في هذه التقنيات يبقى مستبعدا في ظل هذه الإمكانيات المتوفرة حاليا.
- إشكالية تنزيل وملاءمة الدروس مع هذه الوسائل الحديثة على مختلف المواد والمستويات، ونقلها من الكتب التعليمية إلى المتعلم لجعل التدريس عن بعد يلعب دوره بشكل فعال.
- غياب المواكبة والمواظبة المستمرة للمتعلمين؛ لأن هذه الدروس تقدم خارج أسوار الحجرة الدراسية، مما يجعل المتعلم لا يحرص على التزامه بمتابعتها؛ لأنه غير مراقب، لهذا يبقى التعليم عن بعد غير كفيل بتحقيق تعليم فعال ذي جودة عالية كما نصت على ذلك الرؤية الإستراتيجية والقانون الإطار، لكن دوره كما قلنا سابقا هو تكميل للدروس الحضورية.
وفي ظل هذه الظروف التي يعرفها العالم والبلاد على وجه الخصوص من تفشي هذا الوباء، يبقى التعليم عن بعد أقرب وأنجع بديل لاستمرارية الدراسية لتعويض النقص الحاصل بسبب توقيف الدراسة، في أفق تطوير الإمكانيات وتجويد الأطر التعليمية، والبحث أكثر عن تجارب أخرى في محاولة الاستفادة من التجارب السابقة التي قامت بتجربتها الوزارة أو في الدول الأخرى التي اعتمدت هذه التقنيات الحديثة وأعطت نتائج جيدة.
(1) دليل المقاربة بالكفايات ص14
(2) المادة3 من القانون الإطار51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين.
(3) ديباجة مشروع القانون الإطار.
ليست هناك تعليقات