منهجية تحليل النص الشعري: للسنة الثانية بكالوريا
مسلك الآداب والعلوم الإنسانية
1- مفاهيم:
1-1.النص الشعري:
النص الشعري هو نص منتظم ذو بنية لغوية وأدبية إبداعية، وله خصائص معينة تميزه عن باقي النصوص الأدبية، كما أن الشعر ينتمي للعديد من المدارس والتيارات الفكرية المختلفة وله أغراض كثيرة منها الغزل و الهجاء والمدح.
- كيفية تحليله:
للنص الشعري خصوصية تميزه عن باقي النصوص، لهذا يجب أن ندرك هذه الخصوصية وأن نميز بين المدارس والتيارات المختلفة التي يستحضرها المقرر الدراسي الخاص بالسنة الثانية آداب وعلوم إنسانية وهي ثلاث مدارس أساسية تكمل بعضها رغم اختلاف كل مدرسة عن الأخرى .
2-1. المدرسة الاحيائية:
وهي أول مدرسة عرفها الشعر بداية القرن العشرين نتيجة الاحتكاك بالثقافة الغربية والتساؤل عن سبب تخلف العرب مقابل تقدم الغرب، لتكون الإجابة بمحاولة العودة إلى التراث القديم والسير على منوال الأجداد القدامى شعريا وإبداعيا؛ حيث عاد رواد هذه المدرسة (البارودي، أحمد شوقي، حافظ إبراهيم) إلى المراحل المتميزة في تاريخ الشعر العربي، وقلدوا شعراء هذه الفترات الزمنية في إبداعهم، حتى جاءت صورة طبق الأصل عن شعر هذه المراحل الزمنية.
2.1- المدرسة الرومانسية:
أو سؤال الذات: وهو تيار جاء على أنقاض التيار الإحيائي؛ حيث انتقد الشعراء الرومانسيون التيار الإحيائي لأنه قائم على التقليد للقدامى، وبالتالي؛ فإنه في نظرهم يهمل الذات الشاعرة ويغيب فيه الواقع المعاصر بقضاياه الشائكة .لهذا اعتمد رواد هذه المدرسة (جبران خليل جبران، ميخائل نعيمة، إيليا أبو ماضي، العقاد، المازني، إبراهيم ناجي، علي محمود طه، أبو القاسم الشابي، ومن المغرب: عبد الكريم ثابت ومصطفى المعداوي..) كل هؤلاء اعتمدوا على إبراز أهمية ذات الشاعر ومحاولة إعطائها قيمة أكبر في النص الشعري. كما تميزت نظرتهم للحياة بتشاؤمية وهروب نحو الطبيعة التي هيمن معجمها على القصيدة بسبب رغبتهم في الانعتاق من المجتمع المادي الخانق، والبحث عن الخلاص في عالم الغاب الذي لايزال بكرا ولا يشهد ما يمارسه الانسان من ظلم وقهر وتعذيب لأخيه الانسان. كما تميزت هذه المدرسة بمحاولات تجديدية على مستوى الشكل والمضمون متأثرة بالتيار الرومانسي الذي ظهر في أوربا. لتكون بذلك بداية التجديد في الشعر العربي والتي ستكتمل كليا مع الشعر الحر (تجديد الرؤيا و تكسير البنية )
3.1- مدرسة الشعر الحر:
(تجديد الرؤيا وتكسير البنية) هي المدرسة الثالثة والأخيرة التي ظهرت بعد التيارين الإحيائي والرومانسي لتكمل ما بداه هذان التياران. حيث تميز شعراء هذه المدرسة (بدر شاكر السياب، نازك الملائكة، صلاح عبد الصبور، أمل دنقل، فدوى طوقان…) تميز هؤلاء بنزعة تمردية؛ حيث خرجوا عن المألوف ليبحثوا عن شكل شعري جيد يواكب تحولات المجتمع العربي الذي يحتاج في نظرهم الى إعادة بناء وتأسيس. لهذا كان من الضروري أن يتجدد الشعر ليساهم في تطوير وبناء هذا المجتمع. وقد راهن هؤلاء الشعراء على تغيير القصيدة العربية كليا سواء على مستوى الشكل أو المضمون أو الإيقاع … متأثرين بمدرسة الشعر الحر التي شهدتها أوربا محاولين نقل مبادئ وأسس هذه المدرسة إلى الثقافة العربية.
2- منهجية تحليل النص الشعري:
1.2. التقديم:
ويتم فيه تأطير النص أدبيا مع توضيح السياق التاريخي الذي تبلورت فيه المدرسة الشعرية. فإذا كانت هذه المدرسة إحيائية سنشير الى رغبة روادها بعث الشعر العربي وإحيائه من جديد بالعودة إلى الموروث القديم ومحاكاته والسير على منواله.
أما الرومانسية فقد كان هدفها إعطاء قيمة للذات الشاعرة تأثرا بالاتجاه الرومانسي الغربي.
في حين أن التيار المعاصر ممثلا في الشعر الحر قد تبلور كرغبة من الشاعر المعاصر في التحرر من القيود.
وبعد تحديد السياق والظروف التي ساهمت في تأسيس هذه المرسة الشعرية نطرح تساؤلات عن مدى قدرة هذا النص على تمثيل المدرسة الشعرية التي ينتمي إليها وما هي الوسائل الفنية والتعبيرية التي توسل بها لتحقيق هذا الهدف.
2.2- العرض:
وفيه يتم التطرق إلى العناصر التالية :
أ-الحقول الدلالية:
حيث يتم استخراج الحقلين الدلاليين المهيمنين في النص.
ففي القصيدة الإحيائية مثلا قد تكون الهيمنة لحقلي (الذات و المدح او الفخر او الوصف) بحسب الكلمات التي تهيمن والتي يمكن ان يتم جمعها في حقل دلالي واحد.
أما في القصيدة الرومانسية، فالحقول غالبا ما تكون (حقل الذات، وحقل الطبيعة، او حقل الحزن)
وفي القصيدة المعاصرة، نحدد الحقول حسب طبيعة المعجم المهيمن، ثم نبين العلاقة بين الحقلين الدلاليين مع تعليل وشرح هذه العلاقة .كما نوضح علاقة هذا المعجم بالتيار الأدبي الذي ينتمي اليه.
ويبدو أن معجم القصيدة الإحيائية قديم محافظ على الكلمات المتوارثة والتي تعبر عن الانتماء لعصور سابقة، لأن الشاعر يقلد. في حين أن القصيدة الرومنسية ذات مصطلحات مبسطة وسهلة، يهيمن عليها معجم الطبيعة. أما لغة القصيدة المعاصرة فقائمة على الانزياح وخرق المألوف على مستوى اللغة .
ب- الصور الفنية:
وتنقسم إلى محسنات بيانية (التشبيه والاستعارة والكناية) ومحسنات لفظية (الطباق والمقابلة) مع ضرورة تحليل الأمثلة التي تعبر عن كل أسلوب وتوضيح مدى قدرة هذه الصور بأن تعبر عن التيار الشعري الذي تنتمي اليه .
ج- الايقاع:
وهو الجانب الموسيقي ويتنوع إلى:
إيقاع داخلي: يمثله (التكرار والجناس والتوازي) وفي هذه المرحلة يجب استثمار درسي التكرار والتوازي وتطبيقهما على النص المدروس. أما النوع الثاني من الإيقاع فهو: الإيقاع الخارجي ويتشكل من (البحر والقافية والروي) حيث استخراج روي القصيدة وقافيتها والبحر الذي تنتمي إليه مع مراعاة خصوصية كل مدرسة شعرية باعتبار التوحيد في القافية والروي والبحر في القصيدة الاحيائية، ويخضع الكل لضوابط وقواعد محددة سابقا وعلى الشاعر الالتزام بها. في حين أن القصيدة الرومانسية قد جددت بعض الشيء في هذا الجانب ونوعت في الروي والقافية. أما القصيدة المعاصرة فتمردت على القوالب الجاهزة، وتحررت من وحدة الروي والقافية والبحور الخليلية نسبة إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي .
د-الأساليب:
ويتم من خلالها توضيح الأساليب التي اعتمد عليها الشاعر في التعبير عن قضيته والتي لا تخرج عن أسلوبين اثنين :
أسلوب خبري يتوخى من خلاله الشاعر الإخبار عن قضية ما، ويحاول تبليغها للقارئ قصد التواصل وتوضيح وجهة النظر. و أسلوب إنشائي يتحقق بالأساليب التالية (الأمر، النهي، الاستفهام، النداء، التمني، الترجي، القسم، المدح والذم) وهي أساليب يجب أن تستخرج من النص مع إظهار وظيفتها التعبيرية المتمثلة في التعبير عن حالة الأرق النفسي التي يكابدها الشاعر. وأحيانا قد يمزج النص بين الأسلوبين معا رغبة في تحقيق الإخبار والتعبير عن الأرق والمعاناة النفسية .
3.2- خلاصة:
وتأتي على شكل استنتاج عام، يتم من خلاله توضيح مدى قدرة الشاعر على التعبير عن التيار الشعري الذي ينتمي إليه سواء على مستوى اللغة أو الصور أو الإيقاع أو الأساليب … باختصار وإيجاز مع إبداء الرأي الشخصي حول النص .
الأستاذ: أمين الصادقي
ليست هناك تعليقات