أخبار الموقع

قصة قصيرة: مقالب زوجية

مقالب زوجية.
عدت إلى المنزل مساء، فوجدت زوجتي ملاك تشاهد مسلسلها المفضل، والمشكلة أن مباراة كرة القدم التي يشارك فيها فريقي المفضل ستنطلق بعد لحظات. ما العمل ؟
لدينا في البيت شاشة تلفاز واحدة فقط. كيف أبعد زوجتي عن التلفاز، وأشغلها بشيء آخر لكي تحيل لي فرصة متابعة المباراة؟
ليس الأمر في غاية السهولة، فزوجتي أعند منها غير موجود. فكر يا نبيل، فكر: وجدتها؛ سأخبرها بأن صديقتها سلوى أتت لزيارتها، وأنها تنتظرها عند الباب، ولحظة خروجها سأغلق الباب وراءها لأشاهد المباراة ولن أفتحه حتى نهايتها. وبالفعل أنجزت المهمة، وانطلت على يومي خدعتي. خرجت فلم تجد أحدا عند الباب ثم أغلقته خلفها. ظلت تصرخ.
فقلت لها: سامحيني يا حبيبتي سينتهي اللقاء بعد قليل وسأفتح لك.
عند نهاية اللقاء، انتصر فريقي المفضل، وكنت في غاية السعادة. فتحت الباب لزوجتي لأحضنها من شدة الفرح، فصدتني غاضبة، ثم انهالت علي ضربا، فأمسكت يديها وحضنتها ثم طلبت منها الاعتذار.
حملتها بين ذراعي لغرفة النوم لأنسيها المقلب الذي قمت به.
لكن مخطئ من يظن أن النساء تنسى، فكيدهن عظيم. وكما يقول المثل المغربي" ديرها في الرجال وترجاها وديرها في النسا ولا تنسى".
مرت الأيام، وقررت في أحدها أن أصطحب أصدقائي إلى منزلي من أجل مشاهدة مباراة أخرى واحتساء القهوى، لكن زوجتي سترفض ذلك رفضا باتا وقاطعا. فطبقت المثل القائل: الحيلة أفضل من العار.
عدت باكرا من العمل، فأخبرت زوجتي بأن والدتي دعتنا لتمضية العشية معها، وافقت ثم قامت لارتداء ثياب أنيقة، وانطلقنا.
عند وصولنا إلى منزل والدتي، رحبت بنا وفرحت لزيارتنا. جلسنا فقامت أمي لتعد وجبة اللمجة، ورافقتها زوجتي لمساعدتها في المطبخ.
حانت الفرصة، فهممت إلى المغادرة. رأتني زوجتي خارجا فنادتني: إلى أين يا نبيل؟
أجبتها: سأعود بعد قليل، عند انتهائكما. لقد اتصل بي أحد أصدقائي، سأجيبه عبر الهاتف.
ردت: لا تتأخر، فلن ننتظرك
- لا عليك سأعود لأتناول حقي و حقك أيضا.
قالت: أعرفك، فبطنك ينسيك في أحبابك.
قلت لها : دعيني أغادر لكي أعود بسرعة،
انصرفت خارجا ثم اتصلت بأصدقائي داعيهم نحو منزلي، فرحبو بالأمر، وقررنا الالتقاء عند باب المنزل بعد ربع ساعة. وصلت فوجدتهم ينتظرونني. سلمت على ثلاثتهم، وفتحت الباب، ثم دخلنا إلى البيت. أعددنا بسرعة شيئا نأكله، فتكلف محمود بذلك؛ لأنه يجيد الإعداد، وأنا أشعلت جهاز التلفاز للمباراة التي تجمع بين فريقي المفضل أنا و محمود و الفريق المحبوب لرضى و كريم. لذلك عمت الفوضى المنزل صخبا و حماسا لكل فرصة في هذا الجانب أو ذاك.
تتصل زوجتي و لا من مجيب، فقد فعلت الوضع الصامت للهاتف. استمتعنا بوقتنا وبالمباراة، و أشد شيء أضاف المتعة هو انتصار فريقي على الفريق المنافس. و بذلك غضب رضى و كريم غضبا شديدا فضحكنا عليهما أنا و محمود.
انتهت المقابلة. ودعت أصدقائي، ثم انطلقت مسرعا إلى بيت زوجتي لكي أعيدها إلى المنزل؛ لأنني أعلم أن أمي لن تتركها تخرج من البيت في هذا الوقت المتأخر.
 اتصلت بأمي، و قلت لها أخبري ملاك بأنني قادم لاصطحابها.
وصلت إلى المنزل فوجدت زوجتي غاضبة غضبا شديدا، ولكنها تجنبت الصراخ في وجهي أمام والدتي، إذ استنتجت ذلك من نظراتها الحادة تجاهي، فتكلفت أمي بتوبيخي بدلا منها. لم أكثرت لكلامها ثم ودعتها وقبلت رأسها آخذا زوجتي إلى السيارة.
ركبت السيارة، ثم وضعت القطن داخل أذني دون أن تراني لأتجنب صراخها، ثم سقت السيارة مسرعا نحو المنزل.
دخلنا غرفة النوم و غيرنا ملابسنا وسط صراخ زوجتي و تأنيبها، فحكيت لها ما قمت به و خدعتي لها ثم طلبت
 منها الاعتذار، فقبلته بعد إلحاح مني.
مايعجبني في زوجتي هو قلبها المتسامح و الكبير، الشيء الذي جعلني أتعلق بها، فأنا أحبها حبا جما، وهي تعرف ذلك و تبادلني المشاعر ذاتها.
هوينا نحو الفراش، رغبت في مضاجعتها لكنها رفضت انتقاما لعملي الشنيع معها. وقالت لي إن هذه هي عقوبتك لهذه الليلة لأنك فضلت كرة القدم على كرة الحب، لكن رغم ذلك فإنها لم تستطيع مقاومة إغرائي لها و إلحاحي الشديد على الفوز بمضاجعتها فاستسلمت لسلطة الحب، واحتضنا بعضنا بقوة.
حل يوم الانتقام المنشود الذي لم أكن أنتظره، إذ دعت زوجتي أسرتها: والداها و شقيقتها الصغرى إلى البيت لتمضية أيام معنا دون علمي بذلك. حين عودتي من العمل وجدت المنزل ممتلئا بالأنساب ما عسى الميت يفعل أمام غاسله. رحبت بهم وابتسمت في وجههم تلك الابتسامة الصفراء. مازاد الطين بلة هو شقتنا الصغيرة التي تتوفر على غرفة نوم واحدة و صالون؛ إذ أن مساحتها صغيرة، لذلك اضطررت إلى النوم في الصالون رفقة أب زوجتي، و نامت زوجتي رفقة أمها و أختها الصغرى في غرفة النوم.
ظللنا على هذه الحالة مدة أسبوع كامل، فزوجتي أخبرت أمها بأنها اشتاقت لهم أشد الاشتياق، و أنها تريدهم أن يظلا معنا أكثر فأكثر ، هذا كله انتقاما لي على مقالبي معها.
لم أستطع الصبر أكثر و أخذت زوجتي لأحدثها على انفراد في غرفة النوم، و قالت لي هل ستستمر بعد الآن في مقالبك الوضيعة، أم ستتوقف عنها و تستمر حياتنا بشكل عادي ، أجبتها سأتوقف عن كل المقالب أعدك بذلك، ولكن أرجوك دعي عائلتك تنصرف فقد اشتقت إليك حبيبتي أيما اشتياق. قالت: هذا وعد منك. أجبت: نعم، وعد شرف و رجال.
فطلبت مني الذهاب مطمئنا إلى عملي وهي ستتكلف بأمر العائلة. ودعتهم و انصرفت لعملي، و ما إن حلت الساعة الواحدة زوالا  حتى رن هاتفي. كانت زوجتي المتصلة. أجبتها فإذا بنسيبتي تحدثني قائلة: ابني العزيز نبيل، أتصل لأخبرك أننا سنعود إلى بيتنا و أشكرك جزيل الشكر على سعة صدرك، و أتمنى أن لا نكون أثقلنا كاهلك، و لن أحتاج إلى أن أوصيك على ابنتي الحبيبة، و أنا أعلم مقدار اهتمامك بها. أتمنى لكما حياة سعيدة، وأريد أن أبلغك بخبر سيفرحك، فزوجتك أعدت لك مفاجأة، لذلك ظللنا معها هذه الفترة الطويلة:
إن زوجتك حامل يا ابني، ستصبح أبا وأنا سأصبح جدة.
ما هذا الخبر المفرح؟ هل هذا صحيح؟ أنا لا أصدق. سآتي إلى المنزل حالا. سأطلب من المدير أن يدعني أغادر لأطمئن على زوجتي،
- لا عليك يا ابني، فملاك بخير. أكمل دوامك في العمل وعد مساء. هاهي تحدث معها، وأستودعك الله.
- نبيل، ما رأيك في الخبر؟
- ملاك، هل ما قالته أمك صحيح يا ملاك؟
- نعم صحيح، سنصبح والدين، وسأنجب لك طفلا جميلا مثلك.
- أو طفلة جميلة مثلك، إنه أحسن خبر أسمعه اليوم.
رزقنا بطفلة جميلة سميناها دعاء، وعشنا ثلاثتنا حياة سعيدة لكنها لا تخلو من بعض المقالب الطريفة التي تعطي لحياتنا طعما جميلا، وتبعد عنا الملل والكلل الذي تخلقه ظروف المعيشة.
                                  النهاية.
                                                الأستاذ: أمين الصادقي.

ليست هناك تعليقات