أخبار الموقع

النص والخطاب والتأويل

النص والخطاب والتأويل.
1- النص بين النظرية والتطبيق:
لم يعد النص محصورا في دائرة النظريات الأدبية والنقدية، ولكنه أصبح ميدانا للوصف والتنظير من قبل البحث اللساني. وأصبح له جهازه المفاهيمي والاصطلاحي، فترتب عن ذلك هيمنة النص والخطاب على مستويات البحث والتحليل اللسانيين، ولم يعد أمرهما رهينا بلسانيات الكلمة والجملة.
ويعني النص عند رولان بارث الكتابة نفسها، أما التناص فلا يعده سرقة؛ بل قراءة جديدة وكتابة ثانية. أما التناص عند جيرار جنيت فهو كل مايضع النص في علاقة ظاهرة أو سرية مع نصوص أخرى.
وقد أعطى روبير دي بوجراند في كتابه " النص والخطاب والإجراء" معايير أو مقاييس النصية؛ وهي سبعة:
1- الاتساق (cohésion): الترابط النحوي التركيبي( ترابط جمل النص بواسطة أدوات).
2- الانسجام(cohérence): الترابط الدلالي.
3- القصد: كل الأهداف التواصلية التي يوظف من أجلها الخطاب. وأركانه ثلاثة: فعل القصد- القاصد- المقصود.
4- المقبولية: تلقي النص من طرف المتلقي. (نظرية التلقي)
5- الموقفية: سياق إنتاج النص.
6- التناص.
7- الإخبارية: توقع المعلومات أو عدم توقعها.
2- تحليل الخطاب والتأويل:
تحليل الخطاب مجال واسع موضوعه "الخطاب"، ومنهجه الإجرائي "التحليل". وهو حديث النشأة في البحوث والدراسات العربية. وهو مصطلح جامع له عدة استعمالات، ويشتمل على مجالات واسعة من الأنشطة: التداولية- السيميائية- الاجتماعية- النفسية- الأسلوبية... إلخ. وبالتالي فهو موضوع ومجال وعلم ومنهج؛ يسعى في اجتماع أجزائه إلى تحليل وفك شفرة الخطاب من أجل فهمه، على اختلاف أنواعه: أدبي، شعري، نثري، سياسي، إشهاري، اجتماعي، نفسي، تعليمي-تعلمي، علمي...
ويعرف هاتش تحليل الخطاب بأنه دراسة لغة التواصل سواء أكانت محكية أم مكتوبة. 
والخطاب تجربة دينامية تساهم فيها أطراف متعددة عن طريق التفاعل من أجل تحديد الأدوار( مؤلف، خطاب، قارئ).
والتحليل يعني تفكيك الشيء إلى مكونات جزئية تتيح معرفة بنياته الداخلية والخارجية.
لم يعد القارئ مجرد مستهلك للنص بل أصبح المنتج فيه، وكذلك يعمل على إخراجه. ويحاول القارئ باعتباره الوارث الشرعي للخطاب، تفسيره وتشكيله وفق مرجعياته ورؤاه.
والقراءة أول الفهم، والفهم إنتاج للمعنى.
يتطلب التحليل القراءة كما يتطلب الشرح والتفسير والتأويل. فالشرح هو الكشف، وممارسته تغدو هي ذاتها عملية التفسير والتأويل رغم التفاوت. ويقوم التفسير على فك شفرة المعنى المحتجب بالظاهرة، وحيثما يتعدد المعنى يوجد التفسير، ولا يتحقق التفسير إلا بعد الفهم. ويرى بعض الباحثين أن لا فرق بين الشرح والتفسير.
والتأويل اجتهاد غايته إمداد القارى بأكثر من معنى.
إن العلاقة بين القراءة والشرح والتفسير هي علاقة تكامل لتفسير وتحليل الخطاب الأدبي، والشرح يعني التفسير، وكذلك التفسير يعني التأويل. والتأويل هو التفسير والشرح بأكثر من معنى. والكل يكمل الكل لكي يعطوا لنا تحليلا شاملا وواضحا للخطابات الأدبية.
3- هل النص هو الخطاب؟
يعالج مايكل ستابس مفهومي النص والخطاب وكأنهما مترادفين، لكنه يلاحظ أنه في استعمالات أخرى قد يكون النص مكتوبا بينما الخطاب محكيا، وقد لا يكون النص تفاعليا بينما يكون الخطاب كذلك. وقد يكون النص طويلا أو قصيرا لكن الخطاب يوحي بطول معين.
إن الخطاب هو مجموعة من النصوص ذات العلاقات المشتركة. والخطاب يكون أوسع من النص، فهو يشمله؛ إذ يرجع النص إلى الخطاب. وأكثر مناهج تحليل الخطاب شيوعا هو المنهج اللساني، ومهمته البرهنة على وحدة الخطاب.
ويمكن تسمية المناهج الأولى في التحليل بلسانيات الجملة، أما اللسانيات الحديثة فهي لسانيات النص الذي هو في ذاته خطاب. وكانت نظرية السرد مبحثا جديدا في تحليل الخطاب. والاهتمام بالسرد هو أحد مميزات المنهج البنيوي الأساسية. ومهمة المنهج الأسلوبي معالجة أنماط التعبير، ووصف العلاقات الداخليةوالخارجية للبنية الخطابية عبر مستويات مختلفة. أما المنهج السيميائي فينطلق في عمله من النموذج اللساني؛ إذ يتخذ الخطاب موضوعا له بوصفه معطى لغويا.
إن التشاكل مبدأ منظم للنص، وتحقق التشاكلات الدلالية في الخطاب الانسجام والاتساق، وتلغي كل إمكانيات الإبهام الدلالي.
                                        الأستاذ: أمين الصادقي 

ليست هناك تعليقات