ترشيد استخدام الموارد المائية
تجارب عالمية في ترشيد استخدام الموارد المائية
أ.د. عابدين محمد علي صالح
قسم الهندسة المدنية
كلية الهندسة
جامعة الخرطوم
المستشار الدولي للكرسي ( للمياه)
4-1 مقدمة
أصبح معلوماً للمختصين وبعض أصحاب القرار أن كمية المياه العذبة في العالم محدودة وأن توزيعها من حيث المكان والزمان متفاوت تفاوتاً كبيراً مما يعرض بعض المناطق لموجات متكررة من الفيضانات ومناطق أخرى تعاني من ندرة شديدة في هذا المورد الهام لجميع أوجه الحياة . كما تتعرض تلك المياه للتلوث المتزايد نتيجة للممارسات الجائرة والاستخدام غير المرشد والذي يؤدي الى نضوب بعض التكوينات الحاملة للمياه الجوفية المتجددة وغير المتجددة . هذا إضافة الى الضغوط التي ستنتج عن التغير المناخي . ومن المعلوم أن الاستخدامات المختلفة وخاصة الزراعية منها تستهلك كمية هائلة من المياه تقدر بحوالي 70% من تلك الموارد على مستوى العالم ولكن ترتفع تلك النسبة في المناطق الجافة وهي مناطق الندرة الى أكثر من 90% . ومما يؤسف له أن جميع الاستخدامات ، الزراعية منها والصناعية والبلدية وغيرها ، تستهلك كمية كبيرة من المياه بكفاءة متدنية خاصة في الاستخدام الزراعي على مستوى العالم وكذلك الاستخدام البلدي في العديد من دول العالم . لذا لا بد من إستنباط سبل ووسائل فاعلة لرفع كفاءة الاستخدام وترشيد الاستهلاك وإدارة الطلب للزراعة والصناعة والاستخدامات البلدية . تشمل الحاجة الماسة لمثل هذا الترشيد جميع دول العالم ولكن الحاجة في مناطق ندرة المياه تمثل عنصراً أساسياً لاستمرار الحياة بتلك المناطـق .
في فصول سابقة من هذا الكتاب تم استعراض أنماط عديدة من وسائل وسبل الترشيد للاستخدامات البلدية والصناعية والزراعية بصورة مفصلة علها تساعد القارىء في معرفة حجم المشكلة وطريقة التعامل معها للحفاظ على هذا المورد الثمين . وسيتم في هذا الفصل استعراض نماذج لتجارب عالمية في ترشيد استخدام المياه في المجالات البلدية والصناعية والزراعية . ورغم أن الاستخدام الزراعى هو الأكبر حجماً والأقل كفاءة إلا أن تعامل هذا القطاع مع أهمية الترشيد أخذت شكلاً جاداً فقط في العقود الأخيرة . وقد سبقه في هذا المجال إهتمام عالمي أوسع بتطور سبل ووسائل الترشيد للإستخدامات البلدية رغم قلة حجم إستهلاكه للمياه العذبة
4-2 ترشيد استهلاك المياه في الاستخدامات البلدية
هنالك تزايد واضح في الإهتمام بترشيد استخدام المياه وإدارة الطلب عليها للإحتياجات الحضرية والريفية (البلدية) في جميع أنحاء العالم وذلك بهدف تقليل الفاقد منها مما يساعد في توفير تلك المياه لأعداد إضافية من البشر وتقليل العبء على وسائل صرف المياه الصحية وتخفيض الطاقة المطلوبة لإنتاجها وصرفها . ويصعب وضع تعريف دقيق لترشيد إستخدام المياه لتداخل ذلك مع عدة مفردات مستخدمة في الأوساط المهتمة بمثل هذه الأمور كإدارة الطلب على المياه . وقد عّرفت المبادرة الإقليمية لإدارة الطلب (وادي مينا) "إدارة الطلب" بأنها تتعلق بإصلاح شبكات توزيع المياه وتحسين ممارسات الإستخدام من أجل تقليل الفاقد في المياه . كما أنها تعني بالسلوكيات ولذا يمكن تعريفها "بأنها أية ممارسة أو تقنية أو أداة أو سياسة ينتج عنها استخدام المياه بأسلوب أكثر فعالية ومساواة واستدامة" .
كما هو معلوم فإن الاستخدامات الأساسية للمياه البلدية تشمل الشرب ، الطهي ، غسل الأواني والملابس والتنظيف والاستحمام وصرف المرحاض . هذا بالإضافة لأحتياجات خارج المنزل وتشمل ري الحدائق المنزلية وغسل السيارات وأحواض السباحة وغيرها من الوسائل الترفيهية . وتختلف الكميات المستخدمة لكل واحدة من تلك الاستخدامات ولكن في العموم تقدر إستخدامات الحدائق المنزلية بأنها ربما تصل إلى 50% من جملة المياه المستخدمة في المنزل ، تليها استخدامات غسل الملابس والاستحمام وصرف المرحاض بنسب متقاربة . ولا تتعدى المياه النقية المطلوبة للشرب والطهي أكثر من عشرة لترات للشخص في اليوم وهي نسبة ضئيلة إذا ما قورنت بالإستخدامات الأخرى . لذا يتم التركيز دائماً على وسائل وسبل عديدة لخفض الاستهلاك في ري الحدائق وغسل الملابس والاستحمام وصرف المراحيض .
ولا تقتصر حملات الترشيد وإدارة الطلب على المياه لما يصرف في داخل المنزل ، وإنما تشمل تقليل الفاقد من أنابيب نقل المياه وشبكات التوزيع والتسرب داخل المنازل حيث تفقد كميات هائلة من المياه النقية . وتهدف جميع الحملات الترشيدية الى إزالة أو تقليل الفاقد من المياه في جميع تلك المراحل مع تقليل الإستهلاك داخل المنازل .
ويعتمد نجاح الترشيد في داخل المنزل على مدى استعداد المستهلك تطوعاً لنداءات وحوافز من المسئولين للترشيد إضافة الى وسائل أخرى تحكمها النظم والقوانين بما تضمنها من وسائل العقاب للمخالفين . وينتج من مثل تلك النداءات والحوافز والنظم نجاحات مقدرة في العديد من البلاد المتقدمة صناعياً في أوقات الأزمات المائية . فعلى سبيل المثال فقد نجحت البرامج المكثفة في تخفيض إستهلاك المياه بنسبة 55 – 60% في كالفورنيا أثناء موجات الجفاف ، كما نجح برنامج معتدل في خفض الإستهلاك بنسبة 41 – 47% وبرنامج مخفض أدى إلى خفض الإستهلاك بنسبة 6–19%. (Dawdy and Young in Yeujeuich, 1983).
4-3 تجارب دولية في ترشيد استهلاك المياه البلدية
• جمهورية مصر العربية:
التجربة الأولى من مدينة الاسكندرية (Abdou,2008) وهي مدينة لها تاريخ عريق في إدارة المياه البلدية . ففي عام 1860 أنشئت شركتان فرنسية والأخرى مصرية تملكها عدة شركات عالمية لتصبح في عام 1879 شركة إنجليزية ، أنتقلت بعدها لتصبح شركة مصرية في عام 1954 . وأنتهى عهد الخصخصة بعد أن تم تأميمها في عام 1961م لتصبح في عام 1968م شركة مياه الاسكندرية تحت وزارة الإسكان . وصدر في عام 2004 أمر رئاسي لتصبح شركة قابضة ضمن 14 شركة أخرى للمياه والصرف الصحي . وهي تجربة ثرة تستدعي الدراسة بتحولاتها من الخصخصة الى التأميم ومرة أخرى نحو نوع من الخصخصة، وأخيراً ربط المياه بالصرف الصحي . وقد أستفادت شركة مياه الاسكندرية من عون ألمانى في عام 1992م وعون هولندي في عام 2005 وعون إيطالي في عام 2007م في مشروعات للتحكم في الفاقد من شبكاتها وتقليله لدرجات مقدرة . ففي منطقة هدارا تم خفض الفاقد من 50% الى 36% وفي منطقة أبوقير من 35% الى 15% وما زال العمل مستمراً في منطقة فيصل – مندرة تحت العون الإيطالي .
وتتبع الشركة الإستراتيجية التالية لتقليل الفاقد:
الصيانة المستمرة لشبكة الأنابيب وإعادة تأهيلها متى ما أستدعى الأمر .
توفير أحدث التقنيات والأجهزة لفحص التسربات .
تركيب ultrasonic flow-meters لقياس السريان عند مخارج محطات التنقيـة .
زيادة سرعة الإستجابة في حالات التبليغ بتسرب أنابيب الشبكة (hotline 125) .
التدريب المتواصل لمهندسي وفنيي الشركة على أعلى التقنيات العالمية .
تطبيق نظام SCADA في محطات التنقية وربط ذلك مع شبكة المعلومات الرئيسية للأشراف على الأداء (سريان وضغط) من محطات التنقية .
أما التجربة الثانية (Bayoumi, 2001) فهي تحكي عن مشروع رائد بمحافظة الشرقية لتقليل الفاقد بين محطة التنقية وعداد المستخدم مع زيادة العائد ويتم ذلك بعون ياباني بدأ في عام 2006م ويستمر لمدة ثلاث سنوات . وقد تم في هذا المشروع تخفيض التسربات بين محطة التنقية وعدادات المنازل من 28,3% إلى 9,7% في مدينة الزقازيق كما زادت نسبة التحصيل من المياه المنتجة من 65,1% إلى 81,7% وبالتالي أنخفضت نسبة المياه غير المدفوعة (unbilled) من 34,9 إلى 18,3% . ويتبع المشروع إستراتيجية مشابهة للتجربة السابقة في الاسكندرية ولكنه يغطي مناطق عديدة من المحافظة . كما يتبع المشروع إطاراً مكوناً من 14 خطوة لأختيار المناطق المناسبة للمشاريع التجريبية (Pilot Project) ويتبع ذلك 14 خطوة أخرى لتحقيق الهدف المرجو من كل مشروع تجريبي .
تجارب من المملكة الأردنية الهاشمية:
تنقل التجربة الأولى مشروع رائد لخفض المياه الضائعة في الأردن بالتعاون ما بين بنك التنمية الألماني (kfW) ومؤسسة GTZ الألمانية (Meuss and Cramel, 2008) . وكما هو معروف فأن الأردن تصنف ضمن دول الفقر المدقع بالنسبة لنصيب الفرد من المياه المتجددة حيث يبلغ هذا النصيب حالياً 150 متراً مكعباً في السنة . ومما يؤسف له أيضاً فهنالك حوالي 45% مياه ضائعة على مستوى المملكة تختلف من محافظة لأخرى بنسبة ضياع تتراوح ما بين 35% و 75% . وتقف الموارد المالية حائلاً دون أتخاذ إجراءات مشددة لخفض نسبة المياه الضائعة لمستويات قليلة . لذا أهتم هذا التعاون "الأردني – الألماني" للوصول إلى تحسين مستمر يوفر المياه الضائعة ويزيد العائد ويؤدي إلى تحسين جميع عوامل الإدارة المستدامة في شكل المؤسسات والقوانين والتأهيل والمشاركة الجماهيرية . كما تشمل هذه العملية إعادة تنظيم هيكل القطاع وإدخال القطاع الخاص . وقد شمل المشروع مدينة عمان (300,000 مواطن) ومدينتي إربد وجرش، والمحافظة الشمالية (1,400,000 شخص)، والمحافظات الوسطى (200,000 شخص) ، وكالاك (200,000 شخص) . وقد عني المشروع (OMS) بثلاث نواحي هي: التشغيل (Operation) والإدارة (Management) والدعم (Support) بالتركيز على دعم "سلطة المياه الأردنية "(WAJ) . ويمكن استخلاص النتائج التالية لعشر سنوات من مشروع الـ (OMS) الأردني:
تم تحقيق تغيير إيجابي كبير في قطاع المياه بالأردن .
تعتمد الإدارة المركزية للمياه إلى حد كبير على وحدات محلية تدار بأسس اقتصادية وتغطي حوالي 80% من مواطني المملكة .
بمساعدة الـ (OMS) تم وضع أساس قوي وشفاف يحوي قاعدة معلومات موثوق بها شاملة نماذج لقصص ناجحة يمكن أن يحتذى بها لتطوير المرافق المماثلة في دول العالم النامي .
استطاع المشروع أن يحقق ارتفاعاً في التحصيل في كل المواقع وصل إلى 30% في عام واحد في منطقة الكورا .
كما تم تخفيض كمية المياه غير المدفوعة (NRW) من 58% في عام 1999 إلى 49% في عام 2006م . وتهدف سلطة المياه (WAJ) إلى تخفيض الـ(NRW) بنسبة 3% كل عام لتصل إلى 35% في عام 2011 و 15% في عام 2019م .
تم تأهيل موظفي (WAJ) بصورة جيدة للتعامل مع NRW وتزويد (WAJ) بأفضل المعدات لفحص التسربات وإصلاحها وأحدث الأجهزة لقياس الضغط في الشبكات وقياس السريان في الأنابيب ومداخل المشتركين .
تستخدم (WAJ) حالياً افضل ما في العالم من المؤشرات التي تستخدم لقياس الأداء .
وتنقل التجربة الثانية (Zurieket, 2008) ما تم في محافظة مادابا بسكانها الـ 150,000 من تجربة ناجحة في إدارة مياهها النقية وصرفها الصحي . وقد حصرت مشاكلها الرئيسية في عدم دقة في الفواتير وفقد للمشاركين نسبة لتطبيقات خاطئة وعدم توزيع الفواتير لضعف المعلومات ، مع فاقد كبير في المياه يقدر ما بين 45 – 60% . وقد تم الأتفاق بين منفذي مشروع OMS السابق ذكره و WAJ أن يتم معاملة المحافظات الصغيرة مثل مادابا بنموذج مختلف للمشاركة مع القطاع الخاص . وتعني هذه الفكرة أن تعطي خدمة محددة لمشغل محلي بعقد يعتمد على حسن الأداء (Micro PSP) ويعرف (Micro PSP) كـ "مشاركة القطاع الخاص عبر شركات أردنية في تشغيل وصيانة وإدارة عمليات مختارة ووحدات صغيرة من WAJ من أجل دعم تجارية (commercialization) وكفاءة تقديم الخدمات لـ WAJ" وأعطى عقد إدارة المياه لمادابا إلى شركة Exesicon الأردنية بعد إعلان عام وتقييم مكثف من WAJ و GTZ . وقد كان الاختيار موفقاً ونتج عنه نجاحات هائلة في السنتين الأولتيين ، ويمكن تلخيص ذلك في التالي:
زادت المياه المدفوعة بنسبة 75% في السنة الأولى .
ارتفعت قيمة العائدات إلى 900,000 دينار أردني في عام 2005م ، لتصل إلى 1,300,000 دينار في عام 2006م وترتفع إلى 1,900,000 دينار في عام 2007م . ومن المتوقع أن يزيد التحصيل إلى ما فوق 2,000,000 دينار في أعوام 2008م و 2009م .
أنخفضت كمية المياه غير المدفوعة (NRW) من 45% إلى 35% .
وقد بدأت محافظات أخرى السعي الى تطبيق نفس النموذج وربما بتحسينات مبنية على تجربة مادابا وظروف تلك المحافظات .
• التجربة الأماراتية (El Ramahi, 2008):
شركة أبو ظبي للتوزيع (ADDC) هي الجهة الوحيدة المرخصة لتوزيع المياه والكهرباء لأمارة أبو ظبي (ما عدا مدينة العين) . وتعتمد الشركة في مواردها المائية في الغالب على مياه التحلية وهي ذات تكلفة عالية بالمقارنة بالمصادر الأخرى . لذا عنيت الأمارة بتقليل الضائع من المياه عبر أستراتيجية وخطة عمل أعدتا لهذا الغرض . وقد شملت الخطة سلوك طريقين احدهما من الأعلى إلى الأسفل (Top-Down) والآخر من الأسفل إلى الأعلى (Bottom-Up) . وقد تم التوصل إلى الفاقد من المياه بالطريقة الأولى عبر قياس كمية المياه الداخلة للشبكة على أن يطرح منها كمية المياه المقاسة بعدادات المشتركين . أما بالنسبة للطريقة الثانية فقد سلكت ADDC إتجاهين ، الأول منهما عمل ميزان مائي في مناطق مختارة لمعرفة كمية السريان ليلاً ، أما الإتجاه الثاني فيستخدم معدات حديثة ودقيقة لفحص التسربات وإصلاحها . وقد أدت عملية الإصلاح إلى تخفيض نسبة المياه الضائعة إلى 16,8% . ولم تعطى الدراسة أرقاماً للفاقد قبل الدراسة ، كما أنها لم تذكر شيئاً عن الترشيد داخل المنزل .
• التجربة اليمنية www./dic.ca/wadimena)):
يعتبر اليمن من الدول التي تعاني من الفقر المدقع بالنسبة لنصيب الفرد من المياه المتجددة والذي يبلغ حوالي 200 متراً مكعباً في السنة . وقد أهتم هذا المشروع الرائد والذي بدأ في مايو 2006م بواسطة وادي مينا بالإستفادة من المياه المتبقية من الوضوء بمغسلة المساجد لري البساتين التقليدية في اليمن والتي تجاور المساجد . هذه التجربة تعتبر إرثاً قديماً في اليمن حيث توجد بساتين تقليدية (تسمى المقاشم) يتبرع بها أشخاص مقتدرون وتكون مجاورة للمساجد . وعادة ما يجلب الماء من بئر مجاورة تستخدم للوضوء وتجمع مياه الوضوء في بركة مياه ليتم توزيعها عبر قنوات للبساتين . وقد أندثرت هذه الممارسة المتقدمة لما يسمى "بالماء الرمادي" عند تدهور المياه الجوفية وجفافها، وقد أهتم هذا المشروع بإحياء هذه الممارسة بصورة حديثة وبمشاركة جماعية من مواطنين وفنيين ومؤسسات حكومية تحت أشراف مشروع وادي مينا الذى تدعمه الـ (IDRC) الكندية ومنظمة الـ (IFAD) .
• التجربة الإيرانية (Bidgoli, 2008):
تشرف الشركة الهندسية الوطنية للمياه والصرف الصحي (NWWEC) على جميع منشآت المياه والصرف الصحي الحضرية منها والريفية تحت إشراف وزير الطاقة والمياه . وقد عملت هذه الشركة لمدة عشرة سنوات (1996 – 2005) لتخفيض المياه غير المحتسبة (Unaccounted for water-UFW) حيث وجد أن نسبة متوسط الضياع تصل الى 30,2% لتلك السنوات مع ملاحظة عدم النجاح في تحقيق نتائج محسوسة . وعليه تم في عام 2005 إتباع طريقة الهيئة العالمية للمياه (IWA) في دراسة الوضع بالنسبة لطهران ولأيران بأجمعها . وتعتمد هذه الطريقة على وضع ميزان دقيق لعناصر المياه الداخلة للمنطقة وتقسيم الاستخدام إلى أربع إتجاهات هي: أستخدام مقاس ومسموح به ، واستخدام مسموح به ولكن غير مدفوع الثمن ، وفاقد صوري (apparent) ، وفاقد حقيقى (real) . ويضاف إلى ذلك نسبة العائد المادى من المياه . وقد تم تطبيق هذه الطريقة بنجاح حيث بلغت كمية المياه غير المدفوعة (Non Revenue Water – NRW) 29,87% لإيران و 26,28% لمدينة طهران . كما أتضح من الدراسة بأن نسبة الفاقد الحقيقي ، والصوري والفاقد غيـر المدفوع له 17% ، 9,8% و 3% بالتتالي . كما ثبت من الدراسة أن عدم دقة العداد والتوصيل غير القانوني يمثلان 54% و33% بالتتالي من الفاقد الصوري (apparent loss)، بينما يمثل الفاقد من التسربات من شبكة التوزيع والتوصيلات فوق 87% من الفاقد الحقيقي بينما لا يمثل الفاقد من خطوط النقل وصهاريج التخزين أكثر من 13% . وإعتماداً على المعلومات التي تم الحصول عليها من تلك الدراسة بدأت الشركة في وضع خطة متكاملة لمعالجة الفواقد حسب نوعها .
• التجربة اليوغندية (Muhairwe, 2008):
رغم أن المؤسسة الوطنية للمياه والصرف الصحي في يوغندا قد تم إنشاؤها في عام 1972م لتشرف على 22 مركزاً حضرياً بما فيهم مدينة كمبالا، إلا أن المرفق مثله مثل العديد من المؤسسات الشبيهة في أفريقيا تعاني من مشاكل ترتبط بضعف التمويل وسوء الإدارة ونقص الخبرة ومشاكل فنية مرتبطة بالتجديد والصيانة إضافة الى سيادة ثقافة عدم الإهتمام كما ذكر في التجربة . لذا عندما تمت الموافقة على مبادرة تقليل الفاقد في شبكات المياه عنيت التجربة بتغيير إيجابي للإدارة ، مع 100 يوم عمل للكشف عن التسربات بالشبكـة وإصلاحها ، وتنفيذ برنامج لرفع مستوى الخدمة وزيادة العائد المالي وشحذ دعم الجمهور للإبلاغ عن التسربات والتوصيلات غير القانونية . تبع ذلك توزيع المهام والمسئوليات الى مستويات دنيا مع أطر وأتفاقات للمراجعة والمحاسبة مع الحوافز المناسبة . كما أهتمت التجربة أيضاً بضرورة مشاركة الجمهور وتغيير ثقافة عدم الإهتمام بثقافة الملكية المشتركة للجميع . وكان من أهم نتائج هذه التجربة تخفيض نسبة المياه غير المدفوعة من 52% في عام 1998م إلى 32,5% في عام 2007م . وكان التحسن في المدن الصغيرة أفضل من ذلك حيث وصل إلى 15 – 18% .
• التجربة الزامبية (Osward and Chauda, 2008):
تم إنشاء شركة لوساكا (عاصمة زامبيا) للمياه والصرف الصحي في عام 1988م لتخدم 1,1 مليون شخص من مواطني لوساكا (1,5 مليون شخص) كشركة خاصة بديلة لقسم المياه الذي كان يعمل تحت إدارة البلدية وذلك لكي ترفع مستوى خدمات المياه والصرف الصحي للمدينة . أحد المشاكل الكبيرة التي قابلت الشركة وجود فاقد كبير في المياه المنقاة يصل إلى 55% ورغم العون الذى قدم من ألمانيا إلا أن الشركة ولظروف عديدة لم تفلح في حل المشاكل ، خاصة وأن 32% فقط من المستهلكين يتم قياس إستهلاكهم . وفي عام 2001 تضافرت جهود UN Habitat و GTZ الألمانية عبر مشروع "المياه لمدن أفريقيا" في تنفيذ مشاريع لإدارة الطلب ويشمل تقليل الفاقد في شبكات المياه بمدينة لوساكا . وقد شمل هذا المشروع تغطية عدادات القياس بنسبة 100% للمناطق المختارة ، لتنشأ قاعدة معلومات تغطي 79% من المشتركين ، تطوير طريقة إرسال الفواتير وتحصيل الرسوم ، تطوير عملية العلاقة مع المشتركين ، وتدريب الموظفين . وقد نتج عن هذه التجربة توفير 18% من المياه التي كانت تضخ للمنطقة ليمكن إستخدامها لأناس آخرين ، وزادت عائدات التحصيل بنسبة 30% وانخفضت كمية المياه الضائعة من 52% قبل بداية المشروع إلى 25% بإنتهائه . وكان من الممكن أن يكون الإنخفاض أكثر من ذلك إذا توفر المال لإعادة تأهيل بعض أجزاء الشبكة . وقد أشارت هذه التجربة إلى أن التمويل وحده لا يحل المشكلة ولا بد من تكامل العمل بين الفنيين والجمهور للشعور بملكية المشروع وحماية المنشئات والإبلاغ عن أي تلف في النظام أو توصيلات غير قانونية (وهي مشكلة ذكرت في العديد من التجارب الأفريقية) . ولا بد أن تشمل برامج التدريب التوعية للمجموعة الإدارية والفنية المشرفة على أعمال الشركة بالإضافة للتوعية والمشاركة المستمرة للجمهور .
• التجربة الاسترالية (Tayler and Fleming,2006):
بدأ الإهتمام يتزايد نحو ترشيد استخدام المياه في استراليا بعد تعرض المنطقة لموجة متزايدة من الجفاف والتخوف من التغير المناخي . ورغم اختلاف الولايات الاسترالية في شكل تعاملها مع الخصخصة والترشيد إلى أن هنالك إهتمامات مشتركة بين الجميع في النواحي التالية:
حملات التدريب والتوعية بهدف الترشيد .
وضع أهداف محددة لتخفيض الاستهلاك. وكمثال لذلك استطاعت مدينة سدني المحافظة على نفس مستوى إستهلاك المياه من عام 1983م حتى نهاية عام 2003م رغم أن عدد السكان قد زاد في هذه الفترة بـ850,000 شخص ، وهذا يعني إنخفاضاً في مستوى استهلاك الفرد بـ18%. وقد أستثمرت المدينة مبلغ 30 مليون دولار أمريكي منذ 1999م في إدارة الطلب لينتج عن ذلك توفير 60,000 متراً مكعباً في اليوم . وتوضح الأرقام في جدول (3) أمثلة لتلك الأهداف لثلاث مدن أسترالية:
جدول رقم (3): أهداف الإستهلاك (لتر/شخص/اليوم)
المدينة عام 1990 حالياً 5 – 10 سنوات مستقبلا
أدليدي 280 290 -
ملبورن 420 380 360
سدنى 510 420 320
وتشمل الخطط للوصول لتلك الأهداف المهام التالية:
إدارة الفاقد من المياه عن طريق فحص وإصلاح التسرب .
وضع التسعيرة المناسبة التي تؤدي الى الترشيد .
تطوير وسائل الانصياع للوائح والمحاسبة .
تشجيع استخدام مياه الصرف الصحي وحصاد الأمطار .
إدخال نظام تحديد استخدام المياه في فترات الجفاف والظروف الحرجة .
تخفيض استخدام المياه في الصناعة .
دعم استخدام معدات وأجهزة منزلية تؤدي الى توفير استهلاك المياه (الغسالات وخزان المرحاض والدش ...) .
تحفيز المواطنين لإستخدام معدات توفر إستهلاك المياه .
فعلى سبيل المثال تدفع مدينة سدني مبلغ 70 دولاراً أمريكياً للمستهلك الذى يستخدم غسالة الملابس (highest efficiency) 5A . وتحفز ولاية فكتوريا من يتبع برنامج الحديقة الذكية "smart garden" والذى يؤدي الى وفر كبير في استهلاك المياه .
-.1.1 إدخال نظم وأوامر ثابتة تؤدي إلى ترشيد المياه في ري الحدائق ، أختيار نوع المعدات والأجهزة المنزلية ، طرق غسل السيارات وملء وتفريغ حمامات السباحة وغيرها .
• التجربة الهندية (Husain, 2006):
تم تعديل السياسة الوطنية للمياه عام 2002 لتعطي اهتماما كبيراً لترشيد المياه ورفع كفاءة الاستخدام . وتدعو تلك السياسة لتعظيم الاستخدام الكفء لكل أوجه إستخدامات المياه مع تطوير الوعي المائي بأعتبار المياه مورداً نادراً . كما تدعو لزيادة الإهتمام بالترشيد عن طريق التعليم ، النظم والقوانين ، والحوافز والعقوبات . وقد أشار تقرير نشرته المفوضية الوطنية للتنمية المتكاملة للموارد المائية إلى أن الفاقد في شبكات توزيع المياه في 13 مدينة في الهند (بما فيها دلهي ، كلكتا ، بومباي ، وشناي) يتذبذب بين 17 – 44% . وقد تم حصر الأمور التي تعيق الترشيد في المياه الحضرية في التالي:
عدم توفر الصيانة الجيدة وتحسين الخدمة ، حيث يبدو أن المواطن غير مقتنع بمستوى الخدمة من ناحية التنقية والنقل ، الصيانة الضعيفة ، وتقطع الإمداد المائي رغم المبالغ الهائلة التي تصرف . ويقترح كحل لذلك تحسين مستوى الصيانة وأستنباط تقنيات ذات تكلفة بسيطة تكون في متناول يد الجميع .
ضعف التحكم في التسربات والاستخدامات المجهولة المصدر (unaccounted for).
ضعف إدارة الطلب عن طريق إجراءات ترشيدية .
ضعف التوعية العامة والمشاركة الجماهيرية عن طريق حملات معدة بصورة تعطي المعلومة وتحفز الإلتزام بوسائل الترشيد .
عدم تشجيع إعادة استخدام مياه الصرف الصحي على مختلف المستويات وأنواع الاستـخدام .
• تجارب للترشيد من أمريكا اللاتينية (Paracampos, 2008):
هذه التجربة من مدينة ساوباولو (Paracampos, 2008) تحكي قصة برنامج التحكم في المياه الضائعة بالمدينة حيث شمل البرنامج النواحي التالية:
وضع القطاعات (120 قطاعاً في المدينة) في ترتيب يحدد مستوى سؤ الأداء مستخدمين طريقة الميزان المائي المقترحة من الهيئة العالمية للمياه (IWA) ومن ثم تحديد الجدول الزمني لإصلاح كل قطاع .
تقليل الضغط في الشبكات حسب مستوى علو الضغط والذي قد يبلغ حوالي 100 متر من الضغط في أجزاء من الشبكة وحوالي 40% من الشبكة بضغط يتعدى الـ 60 متر . وقد تم تحقيق نتائج معقولة ما بين 1998م و 2008م باستخدام صمامات خافضة للضغط (PRVs) .
برنامج نشط للتحكم في التسربات ، فحصها و إصلاحها .
تجديد عناصر الشبكات خاصة في مناطق المدينة القديمة .
فحص دقة العدادات لتجنب الفاقد نتيجة لقراءات أقل من الواقع . ويتم تغيير العدادات بمعدل 450,000 عداد في السنة مما أدى إلى زيادة القياس بمعدل 2,2 متر مكعب في الشهر في كل عداد .
تقوية عملية محاربة الغش حيث تم إنشاء قاعدة معلومات وتدريب العاملين ووضع معدات كشف (كمرات صغيرة) تساعد في تحديد أماكن الضياع وإعادة 4,000,000 متراً مكعباً للشبكة في العام السابق .
تدريب العاملين في مرفق المياه .
أستخدام مواد أفضل من السابق .
ويؤمن المشرفون على هذا البرنامج بأنه سيأخذ وقتاً طويلاً لإعطاء النتائج المحسوسة ولكن في النهاية يعطي فائدة مالية وفنية كبيرة .
تجارب للترشيد من الولايات المتحدة الأمريكية:
التجربة الأولى من Hillcrest Park (New Mexico, 1999) في مدينة البكيركي عاصمة ولاية المكسيك الجديدة حيث تم بناؤها في عام 1972م كمجمع للشقق الجماعية لتتحول في عام 1979م إلى شقق مملوكة للأفراد . وقد تم تشريفها في عام 1998م بجائزة مدينة البكيركي للتفوق في خفض استهلاك المياه . ففي عام 1994م عندما وصل استهلاك المياه الى 24,9 مليون جالون في السنة اجتمع اتحاد المالكين ووضع خطة عشرية لتحسين المجمع وتقليل استهلاك المياه خاصة ويدفع الاتحاد فاتورة المياه والغاز بينما يدفع المالكون فاتورة الكهرباء مباشرة . وباستخدام أموال الاتحاد والتي جمعت من المالكين تم تغيير نظم الدش وحوض المرحاض وتعديل طرق ري الحدائق وإدارة حمامات السباحة وبذلك تمكن الاتحاد والمالكون من خفض استهلاك المياه من 24,9 مليون جالون في عام 1994م إلى 17,1 مليون جالون في عام 1998م بنسبة خفض وصلت 31% .
أما التجربة الثانية فهي من مدينة نيويورك (American Water Works Association Site) والتي تعتبر من المدن ذات الكثافة السكانية العالية وأكثر المدن إنشغالاً في العالم . كما تعتبر حالياً من أكثر المدن أخضراراً . ويتعاون برنامج التفاحة الكبيـرة (Big Apple ) مع وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) لدفع أهمية ترشيد أستخدام المياه ، في أطار برنامج الوكالة "Watrsense" والذي يثمن الاستخدام الكفء للمياه . وتعمل الوكالة لرفع مستوى التوعية حول أهمية ترشيد أستخدام المياه في المدينة عاملين تحت شعار "كل قطرة محتسبة "Every Drop Counts" وهو شعار مهم بالنسبة لنيويورك حيث أن أي تقليل في إستهلاك المياه يعني توفير ملايين الجالونات من المياه النقية وهو أمر يدعم الاقتصاد والبيئة ، خاصة إذا علمنا أن المدينة تستهلك 1,1 بليون جالون من المياه في اليوم . وقد أعد البرنامج قائمة بالأجهزة التي توفر على الأقل 20% من أستهلاك المياه وتشجع المواطنين على شرائها .
التجربة المكسيكية (Villalba, 2008):
بدأت حكومة مدينة المكسيك الجديدة تقسيم المدينة لقطاعات بهدف تحسين الخدمة وتقليل الفاقد من المياه والذي قدر بـ 35% نتيجة للتسربات . ويتم تموين القطاع بالمياه من مدخل واحد أو اثنين من أنبوبة رئيسية على أن يوضع عداد كهرومغنطيسي في كل مدخل وصمام ضغط إلكتروني . بهذه الطريقة من الممكن تحديد أماكن التسرب والتكسر عند حدوثهما خاصة مع الأستفادة مع السريان الليلي . وقد تم إنفاق أموال هائلة لإنشاء 172 قطاعاً في المدينة ما بين عامي 2004م و 2007م . وما زال العمل مستمراً في إضافة قطاعات جديدة حيث يعتقد بأنه عند إكتمال هذا العمل في عام 2013 سيتمكن من تخفيض الفاقد من التسربات بنحو 3 أمتار مكعبة في الثانية . وقد قوبلت بعض الصعوبات في هذا المشروع نتيجة لعدم دقة الخرائط التنفيذية لتلك الشبكات .
التجربة النكراغوية (F. Reyes, 2008):
تقوم الشركة النكراغوية لتوفير المياه والصرف الصحي (ENACAL) بمسؤلية توفير المياه والصرف الصحي لسكان الدولة .وقد سعت عبر إعانات عديدة من مؤسسات التعاون الدولي في كندا وأسبانيا واليابان وبنك التنمية لدول أمريكا (IDB) وغيرها لإصلاح مستوى خدمات المياه والصرف الصحي وتقليل الفاقد من المياه المنقاة .وقد شملت برامج خفض التسربات والضائع من المياه غير المدفوعة القيمة أختيار مناطق مناسبة للدراسة وتحضير خرائط لشبكات المياه وإنشاء قاعدة معلومات عن المشتركين وقياس السريان الليلي وتحسين عدادات قياس إستهلاك المشتركين والتحكم في ضغط أنابيب الشبكة وفحص وإصلاح التسربات ومعرفة التوصيلات غير القانونية مع تدريب العاملين . كما تم إتباع طريق IWA في تحليل القطاعات . وقد توصلت الدراسة بالنسبة لمدينة مناقوا إلى أن حجم الماء غير المدفوع (NRW) يصل إلى 56% من المياه الموفرة ، كما يصل حجم التسرب من الشبكات إلى 35% .
التجربة البيروڤية (H.Reyes, 2008):
تمكنت شركة المياه في ليما وكالاو حتى عام 2008م من إدخال 1,886,000 عداد صغير (micrometer) في 43 منطقة وبذلك ارتفعت نسبة التغطية من 6.2% في 1995م إلى 71% في عام 2007م. ونتج عن ذلك زيادة المياه المقاسة بـ 2,6 متر مكعب في الثانية نتيجة للترشيد على مستوى المواطنين والذي قدر بـ 9 أمتار مكعبة في الشهر للمشترك . كما تم خفض إستهلاك الفرد للمياه اليومية من 280 لتراً إلى 220 لتراً . وقد تم الإستفادة من المياه الموفرة في زيادة عدد ساعات الخدمة اليومية للمشتركين ليصبح بإمكان 80% من المواطنين الحصول على خدمة المياه لمدة 24 ساعة في اليوم . كما تم أيضاً إضافة مشتركين جدد . وقد حصل تراجع في عدد العدادات في عام 2006م حيث تم سرقة 324,000 من تلك العدادات نسبة لإرتفاع سعر النحاس المصنعة منه مما أثر على كمية القراءات للأستهلاك. كما نتج أيضاً من إنشاء قاعدة للمستهلكين الكشف عن 43,368 مستهلك غير مسجل مما ساعد أيضاً في أكتشاف توصيلات غير قانونية تساوي 30,804 متراً مكعباً في السنة . كما نتج عن برنامج فحص التسربات وإصلاحها ما بين 1997م و 2007م لعدد 23,982 كم من الشبكة إلى إعادة فاقد من المياه يساوي 3,1 متراً مكعباً في الثانية . وكملخص لبعض فوائد هذا البرنامج تم تقليل الفاقد من المياه المنقاة من 50% في 1995م إلى 37% في عام 2007م مع تخفيض استهلاك الفرد اليومي من 280 لتراً إلى 220 لتراً وزيادة العدادات من 6.2% إلى 71% وخفضت كمية المياه المستخرجة من الخزان الجوفي من 8 أمتار مكعبة في الثانية إلى 3 أمتار مكعبة في الثانية .
التجربة البلغارية (Pasklev, 2008):
تشرف على إدارة المياه في بلغاريا أكثر من 50 شركة مرتبطة بالدولة أو البلديات . وقد بدأ الإهتمام بتقليل الفاقد من المياه المنقاة كجزء من مشروع موله البنك الدولي بين عام 1996م و 2001م . وقد برهن ذلك المشروع على أن الفاقد الكبير في المياه يعني ضياعاً للعائد المالي وزيادة في كلفة الإنتاج . وقد قدر الفاقد بنسبة 50% تفقد منها بالشبكات (28%) وفي الصمامات (valves) (14%) وتوصيلات خارج الشبكة (6%) وعدم دقة قياس المياه (35%) وعدم تسجيل المستهلكين (10%) وتوصيلات غير قانونية (5%) وفائض من الصهاريج (2%) . ورغم هذه التقديرات لم يحدث أي تغيير في الفاقد إلى أن أصدر في عام 2004م قانون يدعو الى تقليل الفاقد من المياه المنقاة وإنشاء إطار لتنفيذ أوامر هذا القانون . ولكن ما يؤسف له وحتى يوليو 2008م لم يحدث أي تغيير لعدم وجود الدعم السياسي والمالي وتعدد الشركات المائية . وربما بأعتبارها لا تقع ضمن أولوياتهم الأساسية وأجندتهم السياسية خاصة والمياه ليست بشحيحة في مثل هذه البلدان .
التجربة المجرية (Csöre, 2008):
أحتلفت شركة مياه مدينة بودابست عاصمة المجر بعيدها الـ 140 حيث كانت مملوكة للبلدية حتى عام 1996م حين باعت البلدية ملكية 25% من الشركة لشركتين شهيرتين إحداهما فرنسية (SUEZ) والأخرى المانية (RWE) لإدارة الشركة لمدة 25 عاماً . وقد كان أمر تقليل الفاقد (NRW) من المهمات الأولى التي سعت الإدارة الجديدة إلى تحقيقه حيث أستطاعت أن تقلل ذلك الفاقد من 61% في عام 1996م إلى 32,4% في عام 2007م . وبمساعدة الشركة الفرنسية تم في عام 2003م تحديد الحد الاقتصادي الأدنى لكبح التسربات بـ 15% . هذا الحد يمكن أن يتغير في المستقبل حسب عناصر المعادلة وهي تشمل تكاليف الفحص والإصلاح مع تكاليف إنتاج المياه المنقاة وغيرها . فمثلاً ربما يضاف له تأثير المياه المتسربة على المنشئات والصحة العامة كما في مدن الرياض والقاهرة وغيرها من المدن التي تعاني من مشاكل ارتفاع المياه الجوفية . وتشير بعض الدراسات بأن الحد الأدني في أقطار كألمانيا ربما يصل إلى أقل من 7% . وقد شملت المسوحات التوصيلات غير المطابقة للنظم والعدادات غير الدقيقة ووضع برنامج لإصلاح هذا الخلل كاملاً بعام 2015م . وقد تم حتى عام 2004م تخفيض نسبة التوصيلات الخاطئة من 81% إلى 21% وتغيير العدادات التي يتعدى عمرها عشر سنوات من 66% إلى 34% . ويبدو أن الفاقد في العائد من المياه (NRW) قد وصل حالياً إلى 16,5% وهو مستوى قريب من الهدف المطلوب رغم أن البرنامج ما زال يشمل مهام إدارة الضغط في الأنابيب واستخدام عدادات ("C" lass) للأنابيب الصغيرة ، وعدادات قياس للأحياء ونظم قراءة العدادات من بعد . كل تلك المهام في مرحلة المشاريع التجريبية وسيتم تعميمها بعد دراسة النواحي المالية وقدرة المشتركين .
تجارب من ألمانيا:
تعتبر ألمانيا الدولة الرائدة عالمياً في تقليل الفاقد . هذه التجربة من مدينة لايبزغ وهي في السابق جزء من ألمانيا الشرقية قبل إزالة الحائط في نوفمبر 1989م . وقد تحولت أدارة المياه من شركة حكومية (VEB) إلى شركة خاصة (GmbH) في عام 1990م . ويحوي الجدول أسفله التغيرات التي حدثت .
جدول رقم (4): تغييرات نمط إدارة شركة المياه في لايبزغ
قبل عام 1990م بعد عام 1990م
شركة مملوكة للدولة (VEB) شركة خاصة ربحية (GmbH)
تسعيرة المياه مدعومة بالدولة تسعيرة المياه تغطي التكلفة
عدم قدرة في إيجاد التمويل دعم هائل لمرفقي المياه والصرف الصحي
تدخلات سياسية وإدارة مركزية القرار مرتبط بالحقائق الاقتصادية
تسلسل هرمي مكبل للهيكل الإداري هيكل إداري سهل مرتبط بأداء العمليات
هذا التغيير الكبير ساعد كثيراً في تحسين مستوى الخدمة وتقليل الفواقد وزيادة العائد . فعلى سبيل المثال تم تقليل الفاقد من المياه عام 1990م من (30%) إلى 15% حتى الآن . ويشمل البرنامج مواصلة هذا التخفيض في السنوات القادمة. وقد حققت الشركة التغيير المطلوب وتحويل VEB إلى شركة حديثة تعمل بأقتصاديات السوق وتقديم مستوى راق من الخدمات للمشتركين وتغطي مبيوعاتها التكلفة وتدار على أسس حديثة . وقد تم نقل هذه التجربة بنجاح الى دول أخرى محققة نفس النجاح .
يمكن كذلك أن تستعرض الجهود التي تقوم بها شركة (Glsenwasses) والتي أسست في عام 1886م لتوفير المياه النقية لثلاثة ملايين نسمة وبكمية تبلغ 250 مليون متراً مكعباً في العام . وقد أهتمت الشركة بكبح الفاقد من المياه لتجعله أقل ما يمكن فنياً واقتصادياً والمحافظة على هذا المستوى المثالى للمياه الغير مسعرة (NRW) الأقل في العالم وهي في حدود 7 – 8% . وقد تم تكثيف الإدارة لتقديم المياه الكافية للمشترك بنوعية ممتازة وضغط معقول دون إنقطاع مع المحافظة على سلامة البيئة الطبيعية بسحب أقل ما يمكن من المياه دون تأثير ذلك على الحياة الفطرية . وبجانب الإهتمام الاقتصادي والبيئي لا بد من تقليل الفاقد لسلامة المواطنين . وقد زادت مبيعات الشركة 25% ما بين 1960م و 1980م . وقد بدأت الشركة بجدية في فحص وإصلاح التسربات في عام 1960م مع إنشاء قاعدة معلومات متكاملة للشـبكة ، كما تم إدخال نظم المعلومات الجغرافية (GIS) في عام 2000م . كما تم تحديث الهيكل الإداري بصورة منتظمة لرفع مستوى الأداء . وقد أهتمت الشركة بمسألة كسورات الأنابيب وسرعة إصلاحها وبرامج صيانة دقيقة . ويعد إعادة تأهيل عناصر الشبكة من أغلى الجوانب وقد وضعت استراتيجية فعالة لهذا الشأن مبناة على أسس مجربة أثبتت نجاحـها . وتعطي الشركة أهمية خاصة لتدريب عامليها لرفع كفاءتهم وبصورة مدروسة ومنظمة . وتعتقد الشركة بأنها نجحت في تقديم الخدمة المطلوبة لمشتركيها حسب المستويات الألمانية وبفاقد يمتثل التوجهات الألمانية (DVGW-guideline w 3 92) و (DVGW W 400-3) . وتعني تلك التوجهات بإعطاء إطار لصيانة الشبكات يهدف إلى تقليل التسربات ومستوى الأضرار (damage) .
تجارب الهيئة العالمية للمياه (IWA):
هنالك منظمات أهلية علمية عديدة تعني بشئون مياه الشرب ، إلا أن الهيئة العالمية للمياه (IWA) ضمت في أطار إهتماماتها إنشاء فريق لدراسة الفاقد من المياه المنقاة وتقديم النصح في طريق تقليل هذا الفاقد (Water Loss Task Force-WLTF) . ويتكون WLTF من مجموعة من الأشخاص الذين يتعاملون مع التحديات الجديدة والتطورات العلمية وتقاسمها مع كل من يطلبها . وقد تم تكون هذا الفريق في عام 1997م لإيجاد مؤشرات أداء للفاقد من المياه . ونسبة لأهمية المسألة وأستمراريتها في دول العالم فقد تم في عام 2002م أعتبار WLTF جزءاً دائماً من IWA . وقد قدم الفريق العديد من الانجازات في هذا المجال كان أهمها المؤتمر التخصصي "Water Loss 2007" والذى عقد في مدينة بوخارست برومانيا في عام 2007م والذى شارك فيه 275 متخصصاً حضروا من 45 قطراً . وقد نشرت محتويات هذا المؤتمر (99 ورقة) في ثلاث أجزاء وفي الموقع الإلكترونى الخاص بـ IWA . كما استفاد البنك الدولي من مطبوعات WLTF في تحضير مجموعة من البرامج التدريبية ، كما تنشر في كل عدد من مجلة الـ IWA (Water 21) مقالات عن إدارة الفاقد في المياه ، والتنوير عن المبادرات الجديدة والتطورات ونتائج البحوث . ومن أهم ما أنجزه الفريق الإطار الذى أعدته كمرجع لأعداد ميزان متكامل لتقييم الفاقد من المياه (شكل 1) . وقد استخدمته العديد من الدول في أوربا وأمريكا وآسيا وأفريقيا لإعداد حالاتها الدراسية عـن الفاقد . وقد تم إستعراض بعضها في التجارب التي ذكرت سابقاً كالتجربة الإيرانية .
ورغم أيمان الفريق بعدم إمكانية المنع الكامل لفواقد المياه من الناحية العملية والاقتصادية ولكن في نفس الوقت يقفون بشدة ضد الفاقد الكبير الذي ينتج عن عدم كفاءة إدارة المرفق ويؤدي الى نقص في المياه وتكاليف عالية للتشغيل . ولا بد من وجود منطقة وسطى بين الحدين تمثل الوضع الأمثل لتخفيض الفاقد . وقد أعدت WLTF خارطة طريق يمكن إستخدامها في كل منطقة أو دولة . وتشمل هذه الخارطة: الأسباب المؤدية لوضع هدف محدد للخفض ، والعوامل التي تؤثر على الوصول الى الهدف ، وقياس سير العمل ، والخطوات الرئيسية لخفض التسربات ، وتناقص العائد من العملية ، وعنصر الوقت وغيرها . وليس من الممكن إبراز نجاحات هذا الفريق في حيز ضيق مثل هذا الأطار ، لذا نوصى بأن تضطلع أي جهة تبدأ في عملية كبح الفاقد على نتائج أعمال هذا الفريق والأستفادة منه .
شكل رقم (1): الاطار المقترح لل IWA
تجارب من منظمات الأمم المتحدة:
تهتم العديد من منظمات الأمم المتحدة بموضوع التحكم في الفاقد من المياه النقية في أطار أهتمامها بمسألة المياه والصرف الصحي في برامجها . وتشمل تلك المنظمات منظمة المستوطنات البشرية (UN Habitat) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (UNESCO) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF) وغيرهما . حيث تهتم منظمة اليونسكو بدراسات المياه في المناطق الحضرية ولها مؤلفات مهمة في هذا المجال . وتهتم منظمة الصحة العالمية ومنظمة الطفولة بتوفير مياه نقية وصرف صحي ملائم ولهما مطبوعات في هذا المجال . أما منظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية فقد قامت ببرامج رائدة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية لتوفير المياه النقية في العديد من المدن وقد شمل أهتمامها أيضاً تقليل الفاقد من المياه النقية وقد تم التعرض لإسهاماتها في هذا المجال في بعض التجارب التي تم سردها سابقاً .
4-4 الخاتمة:
تعكس التجارب التي تم إستعراضها أهمية ترشيد مياه الشرب سواء في الدول المتقدمة صناعياً أم دول العالم النامي . وهنالك إهتمام واضح بتخفيض نسبة المياه الضائعة ، بدأً بمحطات الإنتاج وصهاريج التخزين وعبر أنابيب النقل والتوزيع في الشبكات وعبر العدادات الداخلة للمنازل ، إضافة الى مياه تتسرب في داخل توصيلات المنازل ومواطىء تخزين المياه داخل المنزل . وتضيع كمية هائلة أخرى في الأجهزة المستخدمة في داخل المنازل لغسل الملابس والأواني ، والاستحمام وصرف المرحاض . ولا تتعدى المياه النقية المطلوبة للشرب والطهي أكثر من عشرة لترات للفرد في اليوم . وهنالك إستهلاك عال لري الحدائق والذي قد يصل إلى 50% من المياه المنزلية ، هذا إضافة الى طريقة غسل السيارات وساحات المنازل وتغيير مياه حمامات السباحة . وكما أستعرضت الدراسة فإن تقليل الفاقد بين محطة الإنتاج وعداد المنزل هو مسئولية إدارة المياه ولكنه يتطلب التعاون الكامل مع الجمهور لنجاحه ، في الوقت الذى تتضاعف فيه مسئولية المواطنين في كبح أو تقليل الفاقد داخل منازلهم سواء نتيجة للتسرب أو سوء أختيار واستخدام المواد والأجهزة المائية المنزلية . كما يتطلب أيضاً تغييراً في السلوك والتعامل مع المياه بثقافة تعظم الترشيد ، في سلوكه وحلاقته ، ووضوءه واستحمامه واستخدامه للمرحاض وغسل ملابسه وغسل أوانيه وغسل يديه وأختيار نبات حديقته وطريقة ريها وغسل سيارته وإدارة مياه حمام السباحة . بعض تلك الأمور تتطلب تكاليف إضافية ومساعدة فنية في أمور السباكة وبعضها يتطلب تغييراً في السلوك . وقد عمدت بعض الدول إلى تقديم مساعدة مجانية للكشف عن التسربات داخل المنازل وتقديم مساهمة مالية في شراء بعض الأجهزة التي تقتصد في صرف المياه . وقد بدأت العديد من إدارات المياه في توزيع توجيهات (TIPS) للتعامل الترشيدي للمياه داخل المنزل.
وقد برز أتجاه عالمي نحو خصخصة مؤسسات توفير المياه والصرف الصحي لما له من إيجابيات واضحة في تقليل المياه الضائعة في الشبكات وإصلاح العدادات مما ساعد في تقليل الفاقد وزيادة العائد المادي لتلك الشركات الربحية . ورغم الأيمان بأهمية وجود تسعيرة قادرة على دعم الترشيد مع مراعاة الاحتياجات الضرورية للطبقات الفقيرة وبأسعار ميسرة ، إلا أن الملاحظ في العديد من الدول ، خاصة المتقدمة ، أن تلك التسعيرة موحدة للجميع ومغطية للتكلفة . كما يلاحظ أيضاً أن شركات المياه في تلك الدول تعمل لزيادة مبيعاتها من المياه وهو أمر يخل بثقافة الترشيد . هذه الأمور لا بد من ملاحظتها عند تطبيق خصخصة المياه في دول العالم الثالث وفي الدول ذات الموارد المائية المحدودة كالدول العربية .
4-5 ترشيد الاستخدامات الصناعية
تستخدم الصناعات المختلفة كميات مهولة من المياه خاصة في الدول الصناعية حيث تفوق كمية الأستهلاك في بعض تلك الدول الاستهلاك الزراعي . وتستخدم المياه في الصناعة لعدة أغراض حسب نوع المنتج ، فمنها ما يستخدم للتبريد أو التسخين أو الغسيل أو في العمليات الإنتاجية أو كجزء من المنتج وغيرها من الأغراض . ورغم أن معظم تلك الاستخدامات غير مستهلكة تماماً للمياه (Non-consumptive) إلا أنها تخرج ملوثة في معظم الحالات مما يهدد سلامة البيئة الطبيعية بما فيها مصادر المياه إذا لم يتم إعادة تنقيتها قبل صرفها أو إعادة استخدامها . ومع إنتشار ثقافة الحفاظ على البيئة الطبيعية وأتساع رقعة مناطق ندرة المياه في العقود الأخيرة أصبحت مسألة ترشيد إستخدام المياه في الصناعة من الأمور التي تحظى بإهتمام كبير من الدول والمنظمات والجمعيات الأهلية وأصبح السعى نحو صناعة خضراء متطلب أساسي من الجميع . وقد استعرض في فصل سابق من هذه الدراسة شرح واف لهذا الموضوع . لذا سيقدم في هذا الجزء من الكتاب بعض التجارب الناجحة في هذا المجال كأمثلة يمكن الإقتداء بها وليس حصراً لجميع التجارب الناجحة في مجال الترشيـد .
4-6 تجارب دولية في ترشيد استهلاك المياه في الاستخدامات الصناعية:
التجربة الأسترالية (Tayler and Fleming, 2006):
تقدر ما تستخدمه الصناعة حوالي 35% من المياه المنقاة للشرب في المناطق الحضرية في أستراليا . لذا بدأت الولايات الأسترالية في تشجيع أهل الصناعة لتخفيض هذا الاستهلاك ، خاصة عن طريق إعادة الإستخدام (recycling) , والذى ستكون له نتائج إيجابية إضافية منها تخفيض الإستخدام للمياه النقية ورفع مستوى نوعية الصرف الصحي والذى عادة ما يتصل بنظم المياه السطحية ويصل إلى المحطات ومصادر المياه الجوفية ويلوثها إذا لم يكن بنوعية جيدة . وتشمل الأمثلة الناجحة ما تقوم به في ولاية جنوب أستراليا إحدى الشركات الكبيرة التي تعمل في مجال الأنسجة الصوفية من جمع لمياه صرف الأمطار من ساحات أحد المطارات القريبة لتضيفها لمياهها المعاد استخدامها (recycled) لمقابلة أحتياجاتها والتأكد من صرف الفائض من المياه على درجة كبيرة من النقاء لئلا يلوث البيئة المجاورة . والمثال الناجح الثاني من مدينة سدني حيث تم النجاح في إطار برنامج "كـل نقطة محتسبة Every Drop Counts" المعد للصناعات من توفير 7,000 متراً مكعباً في اليوم مع نهاية عام 2003م مع وضع هدف محدد ليصل التوفير الى 17,000 متراً مكعباً في اليوم مع نهاية عـام 2007م .
التجربة الأيرانية (F.Seifi, 2006):
تتركز الصناعات الثقيلة في وسط أيران حيث تواجه تلك الصناعات نقصاً في المياه مما يؤثر على أدائها . كما تواجه نظم التبريد لتلك الصناعات مشاكل أخرى مثل الترسب scaling مما يتطلب الصيانة المستمرة وتكاليف إضافية للعمالة والكيماويات المستخدمة ، هذا إضافة إلى فاقد كفاءة التبريد . وما تم القيام به في هذه التجربة هو تغيير خط التبريد التقليدي والذى يستخدم كمية كبيرة من المياه النادرة ويسبب مشاكل في الصيانة في مصنع للفيروسلكون (Ferrosilicon) في مدينة سمنان الأيرانية . وقد تم في هذه التجربة تبديل 5 وحدات تبريد تقليدية بوحدات جديدة تعمل بالهواء . وكانت الوحدات التقليدية تفقد بالبخر 140 متراً مكعباً في اليوم من المياه الجوفية النادرة بينما لا يستخدم النظام الجديد أي كمية من المياه ألا في حالات الطوارىء . كما قلل هذا النظام صيانة نظام التبريد وقلل العمالة المطلوبة الى شخص واحد أو اثنين . وقد بلغت التكلفة الكلية لهذا الأستبدال حوالي 150,000 يورو من المكون المحلي والأجنبي وهو مبلغ يمكن تعويضه في 20 عاماً عن طريق التوفير في المياه والصيانة والعمالة . وستكون مثل هذه التكلفة أقل كثيراً إذا كان تصميم مثل هذا المصنع من البداية آخذاً في الأعتبار توفير المياه والتشغيل والعمالة . ومن الفوائد البيئية لهذه التجربة توفير المياه الجوفية النادرة لاستخدامات أخرى ، ومنع أطنان من الترسبات (scales) ومنع صرف مياه متملحة لتلوث البيئة الطبيعية المجاورة . مثل هذه التجربة من الممكن أن تطبق في دول الشرق الأوسط والمناطق الجافة في العالم .
تجربة إنتيل ريو رانشو (New Mexico, 1999):
تعتبر إنتيل (INTEL) أكبر مصنعي صفائح الحاسب الآلي (computer chips) في العالم وأكبر شركة خاصة في مدينة البكيركي عاصمة ولاية المكسيك الجديدة بالولايات المتحدة الأمريكية . كما كانت تعتبر من أكبر مستهلكي المياه في مصنعي الولاية وتستهلك في السنة كمية من المياه توازي ما يحتاج إليه لري تسعة ميادين للعبة الغولف . لذا أتبعت إنتيل استراتيجية مكثفة الجوانب لخفض هذا الاستهلاك من أجل جماهير الولاية ومياههم الشحيحة ومن أجل مصلحة الشركة نفسها . وقد كانت الكمية المستهلكة في عام 1993م تساوي 2,8 مليون جالون في اليوم، وأشارت التوقعات بأن الشركة ستحتاج الى 10 مليون جالون في اليوم. لمقابلة توسعاتها الجديدة والتي ستشمل 70% زيادة في منتجاتها . إلا أن أتباع سياسة ترشيدية مكثفة قد مكنهم من تخفيض تلك الكمية إلى 3,86 مليون جالون في اليوم فقط وبذلك بلغت نسبة التوفير 61,4%. وكانت إنتيل في السابق تستخدم مياه نقية لكل عملياتها بما فيها أبراج التبريد ولكن مع سياسة الترشيد يتم الآن إعادة دوران أستخدام المياه عدة مرات (recycle) . ويفقد حالياً 15% فقط من المياه للتبخر وري الساحات وغيرها . أما بقية المياه المنصرفه فتتم معالجتها (pre-treatment) ونقلها لشبكة مجاري المدينة لمعالجتها بصورة أفضل ومن ثم صرفها الى حوض Rio Grande .
تجربة معامل سانديا القومية في البكيركي (New Mexico, 1999):
يتم تشغيل معامل سانديا القومية (Sandia National Laboratory – SNL) لمصلحة وزارة الطاقة الأمريكية بواسطة مؤسسة سانديا وهي شركة تابعة للوكهيد (Lockheed) الشهيرة . وتقوم هذه الشركة بتصميم كل الأجزاء غير الذرية (non-nuclear) من أجل صناعة الأسلحة الذرية . كما تقوم أيضاً بعمل أنواع مختلفة من الأبحاث في وحدات الطاقة الشمسية ورقائق الحواسيب الآلية وغيرها . وتستخدم المؤسسة أكثر من 8,000 شخصاً موزعين على 760 مبنى في قاعدة كيرتلاند العسكرية . وتستخدم المؤسسة ما يقدر بـ 400 مليون جالون من المياه في السنة في منطقة ذات ندرة في المياه . لذا لجأت المؤسسة إلى ترشيد إستهلاك تلك المياه النادرة بوضع استراتيجية تشمل أعادة الأستخدام وتكرار دورة الاستخدام (Re-use & recycle) وتقليل الأستهلاك في العمليات الصناعية وأبراج التبريد وفحص واصلاح التسرب وأتباع ترشيد مكثف بالنسبة للأستهلاك المكتبي . وقد نتج عن ذلك تخفيض الاستهلاك من 400 مليون جالون في عام 1995م الى 324 مليون جالون في عام 1998م مع وجود خطة لخفض الاستهلاك إلى 280 مليون جالون في عام 2004م وهذا يعني تخفيض بنسبة 30% من استهلاك عام 1993م . وقد أنشئت وحدة للترشيد حيث يتوقع أن يستمر هذا الإنخفاض بعد 2004م .
تجربة منتجات بونديروسا (Ponderosa Product):
يقوم هذا المصنع (New Mexico, 1999) بأنتاج قطع خشبية تستخدم في صناعة الدواليب وأرفف المطابخ المنزلية حيث يعمل به 130 عاملاً وتبلغ مبيعاته السنوية 16 – 20 مليون دولار في السنة مستخدماً 500,000 رطل من بقايا الأخشاب يومياً . وأتبع هذا المصنع سياسة لترشيد المياه في عام 1989م حيث بلغ أستهلاكه للمياه 63 مليون جالون تستخدم لغرضين أساسيين هما الغلايات ولإزالة غبار الأخشاب . ونجحت هذه السياسة في تخفيض الاستهلاك الى 27,7 مليون جالون في عام 1998م أي بنسبة 57% . وقد قدر التوفير للمصنع في فاتورة المياه بـ 148,000 دولار في السنة وهي الأرقام التي يسعد مديرو الشركات بسماعها لحفزهم للترشيد . ويتبع المصنع سياسة معالجة مياه الصرف وإعادة أستخدامها لمرات (recycle) وينظرون الى الوقت الذى يصل مستوى إعادة الاستخدام فيه إلى 100% .
تجربة مصنع المسيسبي للبوتاش (New Mexico, 1999):
تشغل هذه الشركة 3 مصانع في مدينة كارلسباد تعمل جميعها 24 ساعة في اليوم ولمدة 7 أيام في الأسبوع وطيلة أيام السنة في شكل ورديات . وتنتج هذه المصانع كـولوريد البوتاس والذى يستخدم كمخصب في الزراعة (سماد) وفي بعض العمليات الصناعية . وقد عمد المصنع الى ترشيد المياه وذلك بتكرار إعادة استخدامها (recycle) وقد نتج عن هذه السياسة خفض كمية المياه المستهلكة من 2,18 بليون جالون في السنة الى 1,05 بليون جالون في السنة ، أي بنسبة تخفيض بلغت 52% في مصانعها الثلاثة . هذا إضافة ألى أن جميع العاملين قد تم توعيتهم بندرة المياه وأهمية ترشيدها لضمان مشاركتهم وزيادة فعالية دورات إعادة الأستخدام وتقليل الأستخدام في دورات المياه وغيرها من مناطق أستخدام الميـاه . وتجدر الإشارة بأن سياسة الترشيد تمنع ري الحدائق وأستخدام مراحيض ذات أستخدام قليل للمياه .
تجربة شركة هوني ويل -
Honey Well Home and Building Control (New Mexico, 1999):
تشتهر هذه الشركة عالمياً بتصنيع الدفايات والمراوح والمرطبات والمبخرات وأدوات تنقية الهواء الألكترونية ، والثيرموستات وأجهزة تنقية المياه بالمنزل وأجهزة الأمان بالمنزل . ويعمل في فرع الشركة بالبكيركي أكثر من 250 موظفاً وقد بلغت كمية المياه المستهلكة في عام 1994م 8 مليون جالون تستخدم غالباً لتنظيف طاولة الجهاز قبل تركيب معداته الآلكترونية . وبتغيير هذا النظام واستخدام طاولة نظيفة مع أجراءات ترشيدية أخرى تم خفض الاستهلاك في عام 1995م إلى 3 مليون جالون بنسبة تخفيض بلغت 63% . ومن ثم توسعت استراتيجية الترشيد لتهدف الى تقليل 500,000 جالون كل عام عن طريق ترشيد استخدامات الحمامات ، أجهزة التكثيف وري الحدائق ليصل الاستهلاك في عام 1998م إلى 1,419 مليون جالون بنسبة 82% من التخفيض مقارنة بعام 1994م .
تجربة شركة إتكون - Ethicon Endo-Surgery (New Mexico, 1999):
هذه الشركة هي جزء من شركة (Johnson & Johnson) الشهيرة ويقع هذا الفرع في مدينة البكيركي حيث يعمل في تصنيع وتعقيم وتغليف أجهزة جراحية متقدمة . وقد أعلنت الشركة الأم في عام 1990م مبادرة للحفاظ على البيئة ومنع التلوث ورفع مستوى الأداء البيئي في جميع فروع شركاتها حول العالم . وقد أستوعبت شركة Ethicon هذه المبادرة والتي تتماشى مع ندرة المياه في المدينة والولاية التي تعمل بها . ورغم أهتمام الشركة بالمحافظة على قدر من الساحات الخضراء في الشركة إلا أنها أستطاعت أن تخفض أستهلاك المياه لري الحدائق من 32,3 مليون جالون في عام 1991م إلى 6,2 مليون جالون في عام 1998م بنسبة تخفيض بلغت 81% وتقليل للساحات الخضراء بنسبة 50% . وشملت عملية الترشيد استخدامات المصنع والاستهلاك البلدي (Domestic) . وبلغت نسبة كمية التخفيض الكلي 49,2% حيث أنخفض الاستهلاك الكلي من 53,3 جالوناً في عام 1991م إلى 27,1 مليون جالون في عام 1998م . وقد تم هذا التخفيض بالرغم من تضاعف كمية منتجاتها وزيادة العاملين بها من 700 إلى 900 شخصاً .
تجربة شركة بوردر فودس - Border Foods, Deming (New Mexico, 1999):
تعتبر هذه الشركة من أشهر شركات تحضير وتعبئة الشطة والفلفل وتصديرها لجميع الولايات الأمريكية والعديد من دول العالم ، وتستخدم المياه في جميع عمليات التحضير خاصة وأعمال الشركة في توسع مستمر حيث تضاعف إنتاجها 3 مرات في فترة خمس سنوات . وقد أتبع فرع الشركة في البكيركي سياسة لترشيد استخدام المياه منذ عام 1992م حيث بلغت كمية الأستهلاك 0.75 جالوناً لكل رطل من المنتج ليتم خفض هذا الأستهلاك إلى 0.51 جالوناً للرطل من المنتج في عام 1995م بنسبة تخفيض بلغت 27% رغم الزيادة المستمره في منتوجاتها . وتمارس الشركة ايضاً سياسة إعادة استخدام المياه حيث تستخدم الشركة حوالي 47 مليون جالون في العام من مياه صرفها الصحي لري مزرعتها المجاورة بمساحة تقدر بـ 25 هكتاراً تزرع عدة أنواع من الأعلاف .
تجربة جنوب أفريقيا (Department of Water, 2000):
تستخدم قطاعات الصناعة والتعدين وإنتاج الطاقة أكثر من 10% من الموارد المائية بجنوب أفريقيا والتي تقدر بحوالي 200 بليون متر مكعب في السنة . وتتمركز معظم تلك الصناعات في مناطق قاوتنق رغم أن هنالك مستخدمين معتبرين في كوازولو والكاب الغربـي . ومما يؤسف له فليس هنالك قاعدة معلومات موثوق بها عن توزيع كمية المياه في تلك الاستخدامات بين العمليات الإنتاجية نفسها والتبريد والري والأحتياجات البلدية وغيــرها . ويبدو أن هنالك إهتماماً واضحاً بضرورة وضع استراتيجية لترشيد إستخدام المياه للصناعة والتعدين وإنتاج الطاقة . وتحوي الوثيقة التي تمت الأشارة لها هنا مدخلاً جيداً لمكونات مثل هذه الاستراتيجية التي يحتاج إليها القطر المشار إليه خاصة مع تنامي المنافسة على الموارد المائية وحرصاً على سلامة تلك الموارد من الأستنزاف والتلوث . وتصلح مكونات هذه الاستراتيجية للعديد من البلدان في أفريقيا والدول العربية ودول العالم النامي .
تجربة شركة كوداك - Eastern Kodak Company (Wainwright, 2009):
تصنع شركة كوداك أفلام فوتغرافيه ومنتجات ورقية للصناعة والطب والحكومات والاستخدام المنزلي . وتحوي مواقع الشركة في روشستر بالولايات المتحدة حوالي نصف أنتاج الشركة عالميـاً . ويمتد الموقع في حوالي 5,200 هكتاراً و 15,000 مستخدماً ويشمل الموقع كل الخدمات من طرق ومياه وصرف صحي مكوناً مدينة مستقلة . ويعتبر نوع منتوجات المصنع ذات إستهلاك عال للمياه حيث يبلغ الأستهلاك اليومي 33 مليون جالون حسب قياس عام 1997م . وترجع أكثر من 80% من تلك المياه كصرف صحي إلى نهر قينسي بعد تنقيتها الى درجة ثانية داخل المصنع . وتهتم الشركة بالحفاظ على البيئة وترشيد استخدام المياه ووضعت أهداف لذلك يتوجب تحقيقها في خمس سنوات . وتشمل تلك الأهداف خفض أستخدام المياه بنسبة 15% بعام 2003م مع أعتبار عام 1997م عام أساسي . وقد تم تشكيل فريق مؤهل لمتابعة هذه المهمة بالتعاون مع جميع الإدارات . وقد وجد أن أكثر من 60% من المياه تستخدم في التبريد أثناء عملية الإنتاج أو في صهاريج التبريد . وقد تم إيجاد فرص لإعادة الأستخدام كما تم تحقيق قدر من التوفير بتغيير الصمامات (valves) أو بتركيز عمليات التصنيع . ونتيجة للترشيد فقد أنخفض استهلاك المياه اليومي إلى 26,5 مليون جالون في يونيو 2001م وهي تساوي نسبة 16,5% وهي نتيجة تفوق هدف الـ 15% المتوقع في عام 2003م . ويعمل الفريق على مواصلة هذه الحملة والوصول إلى مستويات أعلى من التوفير .
-7 خاتمة:
هنالك أهتمام متزايد بترشيد استخدام المياه في الصناعة خاصة في المناطق والدول ذات الموارد المائية المحدودة . وتعكس التجارب السابقة إمكانيات واسعة لخفض الاستهلاك وإعادة دورات الأستخدام والحصول على نتائج جيدة . ولم يجد هذا الأمر في السابق الأهتمام العالمي الكبير مقارنة بترشيد أستخدام المياه في المناطق الحضرية والريفية ربما لوجود معظم مؤسسات التصنيع في دول لا تشكو من نقص كبير في مواردها المائية . لذا قد بدأ الإهتمام بالترشيد في تلك الدول بعد أن بدأت ثقافة حماية البيئة الطبيعية من التلوث تعم الجميع . وتوضح التجارب التي أستعرضت سابقاً أن معظم الإهتمام بالترشيد يتمركز في مناطق ندرة في المياه كولاية المكسيك الجديدة بالولايات المتحدة . ولا يعتبر ما قدم بحثاً شاملاً في الترشيد وإنما أمثلة يمكن الأحتذاء بها خاصة وهي تمثل أنواعاً مختلفة من الصناعات . وتستخدم قطاعات التعدين وأنتاج الطاقة كميات من المياه تستدعي أستنباط وسائل للترشيد تقلل من الأستهلاك وتحافظ على البيئة المحيطة من التلوث .
4-7 ترشيد الإستخدامات الزراعية
تستهلك الزراعة حوالي 70% من المياه العذبة المستخدمة في العالم ، إلا أن هذه النسبة قد تصل إلى فوق الـ 90% في المناطق الجافة مما يجعلها المستهلك الرئيسي لتلك المياه إذا ما قورنت بالإستخدامات الأخرى كالصناعة والبلديات . كما يعتبر الإستخدام الزراعي استخداماً أستهلاكياً (consumptive) حيث تفقد كمية كبيرة من تلك المياه بالنتح والتبخر ولا يمكن إعادة إستخدامها كما في مياه الصرف من الصناعة والبلديات . ولكن تبرز أهمية هذا الأستخدام في ارتباطه بالأمن الغذائي حيث تتزايد الحاجة للأنتاج الزراعي لمقابلة متطلبات الغذاء والكساء لعدد متزايد من سكان العالم . وقد قدر مؤتمر الأرض الذى عقد في ريودي جانيرو بالبرازيل عام 1992م أن العالم يحتاج لزيادة إنتاجه الزراعي بنسبة 3 – 4% سنوياً لمقابلة الاحجتياجات المتزايدة للغذاء . وكما هو معلوم فإن كمية المياه العذبة في العالم محدودة كما أن توزيعها من حيث المكان والزمان متفاوت تفاوتاً كبيراً . حيث أن مناطق كبيرة من العالم تعاني من ندرة في المياه المتجددة العذبة وهي نفس المناطق التي تستخدم نسبة عالية من مواردها المائية في الزراعة وتلجأ في العادة الى أستخدامات غير مرشدة لمياهها الجوفية غير المتجددة . ومما يؤسف له أن معظم المساحات المزروعة في العالم تروى بكفاءة ضئيلة تقدر في المتوسط بـ 40% مما يعني استخداماً مسرفاً وغير مرشد للمياه وتؤدي إلى أهدارها خاصة المياه الجوفية . وتشير العديد من الدراسات الى أن هنالك انخفاضاً متواصل في مستوى المياه الجوفية في العديد من الدول التي تستخدم هذه المياه للزراعة ومنها الصين والهند والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية والعديد من الدول العربية خاصة دول الخليج .
ولا بد من الإشارة إلى قِدم هذا الاستخدام في تاريخ البشرية حيث استخدم السوماريون مياه نهر الفرات لري مزروعاتهم من القمح قبل 6000 سنة وانتشار سبل الري من بعد ذلك في العديد من مناطق العالم بما فيها جزيرة العرب . وكان إهتمام ساكني جزيرة العرب القدماء بترشيد سبل الري وأستنباطهم لطريقة أقرب ألى الري بالتنقيط قبل آلاف السنين مثار اندهاش وأعجاب الجميع حتى يومنا هذا ، إلا أن زراعة اليوم توسعت بشكل كبير وبكفاءة متدنية مستنزفة كميات هائلة من المياه العذبة ومسببة تلوث بعضها نتيجة لاستخدام الكيمائيات لزيادة الخصوبة والحماية من الآفات . ولم تتطور ثقافة الترشيد التي أتقنها القدماء خاصة في الجزيرة العربية نسبة للتوسع المتصاعد في استخدام مياه الري ، لذا برزت الحاجة مؤخراً الى مراجعة النفس والعمل على استخلاص سبل ووسائل فعالة لترشيد هذا الأستهلاك . وقد أهتمت بهذا الأمر العديد من المنظمات المتخصصة كالمفوضية العالمية للري والصرف (ICID) ومنظمات الأمم المختصة كمنظمة الأغذية والزراعة (FAO) والعديد من مؤسسات البحث العلمي والتوعية . وسنستعرض هنا بعض التجارب العالمية للترشيد من دول أصبحت تعطى إهتماماً خاصاً لهذا الأمر خاصة تلك الدول التي تستهلك كميات هائلة من المياه لهذا الغرض .
4-8 تجارب دولية في ترشيد استهلاك المياه في الاستخدامات الزراعية
• تجارب مصرية:
التجربة المصرية الأولى تم رصدها في إحدى مطبوعات الهيئة العالمية للري والصرف (ICID) . ومن المعروف أن لمصر تجربة في الري طويلة في التاريخ ومرتبطة بصورة أساسية بنهر النيل . تستخدم مصر حوالي 85% من مواردها المائية في الزراعة مستخدمة مياه النيل التي تم دعمها في السنوات الأخيرة باستخدام مياه الصرف والمياه الجوفية . وتستعمل طرق الري التقليدية في 86% من المساحة المزروعة (3,23 مليون هكتار) ولكن هنالك مقترحات لزيادة الرقعة المروية بوسائل حديثة كترشيد لإستخدام المياه . ويساعد البنك الدولي (WB) منذ عام 1984م لتطوير عمليات الري وزيادة الرقعة المزروعة إلى 4 مليون هكتار . وقد تم تحسين الهيكل التنظيمي للوزارة وتحسينات مؤسسية وتوسيع قاعدة مشاركة مستخدمي المياه والتوسع في إنشاء مراكز البحوث . وقد دعم تلك الإتجاهات أيضاً برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) والعون الأمريكي (USAID) . ويمكن تلخيص الإنجازات والدروس المستفادة في الآتي:
زيادة كفاءة الأنتاج بـ 30 – 40% .
خفض كلفة الضخ للوحدة المساحية وللموسم .
خفض فترة الري بـ 50 – 60% .
خفض عدد الطلمبات المستخدمة .
خفض كلفة التشغيل والصيانة للمسقى .
إزالة فروقات توزيع المياه بين أعلى وأسفل القناة .
زيادة مشاركة المزارعين .
زيادة الإنتاج في المحصولات حيث وصل 9,2% للقطن و 14,1% للذرة الشامي و 30% للقمح و 16% لقصب السكر .
وتحكي التجربة التالية كيف تولي سكان قرية أبو منقار المصرية بأنفسهم تحسين إدارة الموارد المائية المتاحة وتحسين سبل معيشتهم . تقع القرية في قلب أحدى الواحات وسط صحراء مصر الغربية حيث يواجه سكان هذه القرية تحديات كثيرة منها: ضياع كمية كبيرة من المياه بالتسرب من قنوات الري غير المبطنة ، وبوابات المياه المكسورة أو الضائعة ، والاعتماد على مياه ري غير كافية ومتذبذبة الكميات ، وصعوبة في الحصول على البذور والأسمدة والمعلومات الزراعية . وقد تم بمساعدة فريق من وادي مينا يتبع مركز أبحاث الصحراء بالجامعة الأمريكية في القاهرة أن قام المزارعون أنفسهم بتمويل أول جمعية لهم تهدف الى تحسين أدارة المياه وترشيدها في الزراعة . وفي أطار المشروع تعرفت الجمعية على تجارب ناجحة في مناطق مجاورة وتم نقل تلك التجارب . وبمساعدة الفريق تم تبطين القناة بتكاليف شارك فيها المزارعون وميزانية المشروع مما زاد من كمية المياه وسرعة سريانها ووصولها في الوقت المناسب للمزارعين . وقد دفع هذا النجاح السفارة الألمانية بالقاهرة لإعانة المشروع بمبلغ مماثل لإعادة تأهيل قنوات أخرى . ومن الفوائد الكبيرة أيضاً وجود جمعية منتخبة ومتجانسة ونشطة في هذا المجتمع الريفي الزراعي والذى يتكون من 4,000 نسمة .
• التجربة الباكستانية:
تشرف الدولة على خدمات الري في باكستان عبر إدارات حكومية . وقد تم تحديد الاسباب التي تؤدي الى الأستخدام الجائر أو فقدان المياه . ويحدد سعر المياه حسب المساحة المروية . وقد بدأ العمل في برنامجين لخفض استهلاك المياه ، أحدهما تبطين قنوات الري في برنامج عاجل أكمل عام 1998م بتكلفة قدرها 735 مليون دولار أمريكي والثاني البرنامج الوطني لتطوير الصرف ليكتمل في عام 2002م بتكلفة 853 مليون دولار . ويهدف المشروعان الى توفير 8,465 بليون متر مكعب من المياه الضائعة وهي كمية تساوي 6,5% من المياه المستخدمة في الزراعة .
قامت منظمة إيمي (IIMI) بدراسة الملوحة في ثلاث مناطق مختلفة تروى من مصادر مختلفة (قنوات ومياه جوفية) وأوضحت نتائج تلك الدراسة بأن أختيار نمط المزروع وبعض المعالجات الأقرونومية يمكن أن تقود ألى أستمرارية الري . وقد تضمنت الحلول الأستمرارية: أستخدام كميات أقل من المياه ، وتخفيض كثافة الري ، وتخفيض مستوى المياه الجوفية .
• التجربة الأسترالية:
ما زال استخدام وسائل الري الفيضى (surface flooding) ذات الكفاءة المتدنية مستخدمة في استراليا حتى هذا اليوم . ولكن هنالك جهود كبيرة تبذل لتحديث وسائل الري وترشيد استخدام المياه . فهنالك دراسات تؤكد لمستخدمي المياه أن أتباع وسائل حديثة توفر المياه تعني أنتاجاً أفضل وزيادة في الدخل . وتشمل تلك الدراسات طرق الري الحديثة وأنواع المزروعات وعلاقة التربة بالماء واستخدام مياه الصرف الصحي وإعادة استخدام المياه . كما تشمل هذه الدراسات أهمية إنشاء نظم "مشاركة المستخدمين "Users' Participation" من أجل الإدارة المشتركة . وقد تم تغطية تطبيق هذا النموذج في 20% من المناطق . وتعتمد تسعيرة المياه حالياً على نمط تقليدى يعمل حالياً في تطويرها بالتعاون مع جارتهم نيوزيلنده . كما وضعت الدولة نظماً وقوانين تحكم الترشيد ومنع التلوث وطريقة الاستخدام . وهنالك اهتمام خاصة بالتوعية بإستخدام نمط فعال لتحقيق أفضل النتائج . كما أن مشاركة المرأة متواجدة في كل النشاطات الزراعية .
وتنمي أستراليا أدارتها للمياه بدراسات حقلية تقدم حلولاً مناسبة لكل منطقة ، مثل:
أستخدام وسائل حديثة لقياس نسبة رطوبة التربة حيث مكن ذلك توفير كمية هائلة من المياه حينما أستخدمت في حقل لزراعة القطن . هذا إضافة الى أن إعادة استخدام المياه وتغيير التسعيرة أديا إلى ممارسة توفر في المياه وتعطي عائداً أكبر .
أدى استخدام الري بالتنقيط في حقول السكر في ولاية كوينزلاند الى وفرة في استهلاك الماء والطاقة وصلت إلى 30% .
أدى التحسين في أدارة المياه عن طريق فحص مكونات التربة في حقول للعنب في جنوب أستراليا الى تقليل كمية مياه الري وزيادة العائد من 7000 دولاراً الى 20,000 دولاراً للهكتار .
• التجربة الصينية:
تستخدم الصين 385 بليون متر مكعب (72%) من مياهها المستخدمة سنوياً (وهي 535,5 بليون متر مكعب) لتروى مساحة وقدرها 50 مليون هكتار في السنة . وتهدف الى زيادة المساحة المروية إلى 60 مليون هكتار بعام 2015م ، مستخدمة نفس كمية المياه الحاليـة . وهذا يعني تخفيض استهلاك مياه الري بنسبة 20% في فترة ليست بالطويلة مما يتطلب تغييراً جذرياً في نمط ووسائل ريها الحالي . وتخطط الدولة إلى زيادة المساحات المروية بطرق حديثة من 1,4% الى 6% بعام 2015م . كما حولت الصين 25% من مساحاتها المزروعة ليتم أدارتها وتشغيلها بالمزارعين أنفسهم وتعمل على تحويل 25% من المساحة لإدارة مشتركة بين الحكومة والمزارعين وستبقى الـ 50% الأخيرة تحت إدارة الحكومة مباشرة . وتعمل الصين بأنتظام لأستنباط خير الوجوه لتقليل المياه المستخدمة على مستوى الحقل وبدأت في 1986م برنامج سمي "900 counties for water saving" بتكلفة قدرت حتى 2000م بـ 375 مليون دولار . وقد تم الأستفادة من النتائج الجيدة لهذا البرنامج لزيادة الوعي والمشاركة لدى المزارعين بفوائد الترشيد وعائداته . ورغم أن الدولة ترصد نوعية المياه ووضعت حدوداً لنوعية المياه للأستخدامات المختلفة ، ومع ذلك فقد بدأت تشجع أستخدام مياه الصرف الصحي كدعم لمياه الري حيث تستخدم 2,9 بليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي المعالجة ، أضافة الى 3,1 بليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي غير المعالجة ويمثلان حوالي 1% من المياه المستخدمة في الري . كما تجرب الصين مسألة أستخدام المياه المالحة في الري حيث تزرع حالياً مساحة تقدر بـ 67 الف هكتار .
ومن البرامج التي نجحت مؤخراً في الصين أستخدام تقنيات حديثة لزراعة الأرز سميت "shallow water depth" بدلاً من طريقة الغمر التقليدية وبذلك تم توفير 1500 متراً مكعباً من المياه للهكتار الواحد وزاد الأنتاج بـ 375 كيلو جرام للهكتار . وقد تم نشر هذه التقنية في مساحات أوسع . وكما هو معروف فأن الصين تستخدم ما يقارب ثلثي مساحة أرضها المروية وثلثي مياهها المستخدمة في زراعة الأرز . وعليه إذا تمكنت الصين من تعميم هذه التقنية في 20 مليون هكتار من أراضيها فهذا يعني توفيراً قد يبلغ 30 بليون متر مكعب من المياه سنوياً وزيادة في الأنتاج تبلغ 7,5 بليون طن من الأرز .
• التجربة الفرنسية:
رغم أن فرنسا تعتبر دولة صناعية إلا أنها تمتلك بنية اساسية منظمة جداً للري مع خدمات متطورة ووجود الأطار المؤسسي المطلوب . وتستخدم وسائل ري حديثة في 47% من مساحتها المروية (2,38 مليون هكتار) وتهدف فرنسا الى زيادة رقعتها المروية الى 3,98 مليون هكتار بعام 2010م . ويتم توزيع مياه الري عن طريق وكالات مائية بتسعيرة للمياه يتم تحديدها على متوسط سعر التكلفة ، رغم أن تلك الوكالات قد تضيف أيضاً سعر الفرصة (opportunity cost) . وتنعم فرنسا بنظم جيدة لإدارة الموارد المائية على مستوى الأحواض المائية . وتجدر الإشارة هنا الى أن الموارد المائية المتجددة في فرنسا تبلغ 101 بليون متر مكعب في السنة يستخدم منها فقط 11,4 بليون متر مكعب في السنة حيث يتم دعمه بـ 3,6 بليون متر مكعب في السنة من الصرف الصحي المعالج و 4 بليون متر مكعب في السنة من الصرف الصناعي المعالج . وتستخدم حوالي 2,4 بليون متر مكعب من مياه الصرف في الزراعة . وقد حدد قانون 1992م مسئولية إدارة الموارد المائية في ستة أحواض مائية تنسق بينها لجنة عليا (Basin Committee) . ورغم وفرة المياه على مستوى القطر إلا أن المناطق الجنوبية تتعرض لنفس موجات الجفاف وندرة المياه المشابهة لدول حوض البحر الأبيض المتوسط ، إلا أن حسن الإدارة وترشيد الأستخدام يقلل من حجم تلك النواقـص .
• تجارب من الهند (ICID; Hussain, 2006):
تخطط الهند الى زيادة مياهها المستخدمة لكل الأغراض من 552 بليون متر مكعب في عام 1990م ألى 1050 بليون متر مكعب في عام 2010م أي بزيادة تبلغ 90% . وبلغت مساحة الأرض المروية في عام 1993/94م 37,5 مليون هكتار تروى من مياه سطحية و 38,5 مليون هكتار تروى من المياه الجوفية . ويزداد الاستخدام من المياه السطحية والمياه الجوفية بنسبة 4% و 6% سنوياً بالتتالي . وقد أوردت المفوضية الوطنية للتنمية المتكاملة للموارد المائية في الهند (NCIWRD) أن كفاءة الري السطحي الحالية في الهند تتفاوت بين 30 – 50% ، لذا ركزت الصيغة المعدلة في عام 2002م للسياسة المائية في الهند على مسألة الترشيد والاستخدام بكفاءة عالية للمياه في جميع الاستخدامات مع زيادة الوعي بالنظر للمياه كمصدر نادر ، مع زيادة الحرص على ترشيد الأستخدام بواسطة التعليم والقوانين والحوافز وإيقاف الحوافز . ولا بد من الحفاظ على هذا المورد وترشيده وزيادة موارده بالسدود ومنع التلوث وتقليل الفواقد . على أن تشمل الفعاليات تبطين القنوات وتحديث وإعادة تأهيل في النظم الحالية وإعادة الأستخدام ، وأستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة وأستخدام الوسائل التقليدية الناجحة وإدخال الطرق الحديثة كالري بالتنقيط والرش ما أمكن ذلك .
ومن المعلوم أن الهند تعتبر من الدول التي تملك كميات هائلة من الموارد المائية ، إلا أن توزيعها من ناحية الزمان والمكان غير متوازن . لذا فأن ترشيد استخدام المياه خاصة بالنسبة للزراعة ينتج عنه توفير كبير يمكن أستخدامه لزراعة مساحات إضافية أو لأغراض أخرى . وهنالك عدة مشروعات تهدف في النهاية إلى ترشيد أستخدام المياه منها:
برنامج لرفع مستوى الإنتاجية بصورة مستدامة (CAD) بتركيز على رفع كفاءة استخدام المياه . وقد غطى هذا البرنامج حتى عام 2006م مساحة تقدر بـ 17,11 مليون هكتار .
مشروع حفز إدارة الري المشتركة ويعني ذلك مشاركة المزارعين تطبيقاً لأوامر السياسة المائية المعدلة لعام 2002م . وقد حقق هذا المشروع مشاركة 55,000 هيئة لمستخدمي المياه (Water User Association) تغطي مساحة زراعية تقدر بـ 10,2 مليون هكتار بتحسن محسوس في الإداء .
مشروع دراسات كفاءة الري في المشاريع أيماناً بأنه القطاع الأوسع أستهلاكاً للمياه الأقل كفاءة في الأستخدام . ويغطي هذا المشروع 1100 مشروعاً كبيراً ومتوسط الحجم ويستمر لمدة خمس سنوات . ويتوقع من المشروع تحديد أسباب تدني الكفاءة واقتراح وسائل لتقليل الفاقد ورفع الكفاءة .
مشروع شامبال (Chambal Project-Rajasthan) لتوفير مياه الري للتكثيف الزراعى . وعن طريق حزمة من الدعم تشمل تطوير قنوات الري والصرف ، تسوية الأرض وتحسين خدمات الري والطرق فقد تم توفير 102,8 بليون متر مكعب من المياه ورفع كثافة ري المشروع الى 137% متفوقاً على الكثافة المتوقعة (76%). وقد تم دعم المشروع بمحطة بحوث زراعية وقد ساهم البنك الوطني للزراعة والبنك الدولي و CIDA الكندية في هذا المشروع .
• تجارب من الولايات المتحدة الأمريكية:
بلغت المساحة المروية في الولايات المتحدة في عام 1995م 1999 مليون هكتار تروى 11,11 مليون هكتار منها بنظام السرابات (furrows) ، كما تتزايد بوتيرة سريعة إدخال نظم الري الحديثة كالري بالتنقيط والرش . وهنالك دعم كبير للبحوث والتنمية (R and D) ونشر التقنيات الحديثة عبر عدد مميز من مراكز البحوث المرتبطة بالمزارعين . وتبنى تسعيرة المياه في شكل متوسط تكلفة التشغيل والصيانة بالإضافة الى متطلبات الدولة من أجل الترشـيد .
وتطور الولايات المتحدة طريقة الري تحت السطح (Subsurface Irrigation) بجانب إدخال أساليب الري الحديثة والتي تغطي الآن مساحات كبيرة من اراضيها المروية . وتعمل وكالتها للإستصلاح (US Burau of Reclamation-USBR) في جميع أنحاء البلاد لتقديم الدعم المناسب لكل منطقة لاختيار المحاصيل المناسبة لأرضها وطقسها ومواردها المائية . وتقدم حوافز لتحث المزارعين الى استخدام الوسائل الحديثة للرى . وفيما يلى بعض الأمثلة الناجحة:
من نتائج برنامج تشجيع التقنيات الحديثة خفض المياه المستخدمة للري المتقدم (Pre-Irrigation) للأرز من 0,28 متر الى 0,17 متر كما زاد أنتاج الطماطم من 81 طن للهكتار الى 99 طن للهكتار .
رفع استخدام نظام التحكم الأوتماتيكي للقنوات لرفع الكفاءة من 80 – 90% الى 96% .
أوضحت دراســة أستغـرقت عشــر سنــوات حـول الري الناقص (Deficit Irrigation)، أن مثل هذا الري يعطي عائداً أكبر للوحدة المائية المستخدمة ولكن العائد يكون أقل للوحدة المساحية . وبذا يكون استخدامه أكثر فائدة في المناطق التي تشكو من ندرة في المياه كبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وغيرها من المناطق الجافة في العـالم .
كما تم دراسة استخدام مياه الصرف الصحي المنقاة وغير المنقاة ومياه الآبار لرى 6 أنواع من المحاصيل المتشابهة . وقد أتضح من تلك الدراسة التي أخذت خمس سنوات لإكمالها أن ليس هنالك أختلاف بين المحاصيل رغم أختلاف في نوعية مياه الري ، ولم توجد فيروسات في العينات التي أخذت ، وليس هنالك أختلاف في نمو المحاصيل ونوعيتها ، كما لم يلاحظ أي تدهور في الأرض أو المياه الجوفية . وخلصت الدراسة الى أن المخاطر من أستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة على نوعية الغذاء المنتج تقع في حدود المقبول .
• تجربة من كاليفورنيا (Cooby et al, 2008):
تعتبر دلتا (sacramento-san Joaquin) في وضع مائي حرج نسبة الى أن نصف المياه المستخدمة للزراعة في كاليفورنيا تقريباً تأتى من مياه أنهار كانت تصب بالكامل في هذه الدلتا . كما أن أكثر من نصف سكان كاليفورنيا يعتمدون في مياههم البلدية على تلك الـمياه . كما تعتبر الدلتا مستوطنة لأكثر من 700 صنف من الحياة القطرية التي أصبحت مهددة بالتناقص . كما تشمل المهددات زيادة تواتر فترات الجفاف والفيضانات نتيجة للتغير المناخي وتدهور نوعية المياه . وقد أثبتت نتائج أحكام قضائية ودراسات علمية إلى أن كمية المياه المأخوذة من الدلتا كبيرة جداً وتضعها في ظرف حرج، علماً بأن الاستخدام الزراعي يمثل حوالي 80% من تلك المياه المأخوذة. وعليه، لا بد أن يبحث في هذا الأمر كأتجاه أساسي لتصحيح هذا الوضع .
وقد تم أقتراح أربعة سيناريوهات لحل المشكلة وهي:
تغيير بسيط في نوعية المحاصيل وذلك بأستبدال كمية بسيطة من المحاصيل ذات العائد القليل ولكن تستهلك قدراً كبيراً من المياه بمحاصيل ذات عائد كبير وتستهلك مياه قليلة .
أستخدام البرمجة الذكية للرى (Smart Irrigation Scheduling) لمساعدة المزارع ليروى بصورة تقابل أحتياج المحصول وتزيد أنتاجه .
استخدام إدارة متقدمة للرى بتطبيق طرق متقدمة تساعد في توفير المياه مثل نظام الري الناقص (Deficit Irrigation) .
أستخدام تقنيات الري الكفء (Efficient Irrigation Technology) وذلك بتحويل جزء من المساحات المروية بالغمر (Flooding) الى سبل الري بالتنقيط والرش .
ويمكن أن يوفر تطبيق تلك السيناريوهات المعتمدة على الترشيد كمية من المياه يوفرها إنشاء 3 – 20 سداً بسعة 209 مليون متر مكعب . كما يتم الوصول الى مثل هذا التوفير بتكاليف أقل بكثير من إنشاء السدود ولا يؤثر على اقتصاديات الأنتاج للقطاع الزراعي .
• تجربة من ولاية تكساس (Conservation Texas Water Development Board):
حسب خطة ولاية تكساس للمياه والتي أعدت عام 2002م أن الطلب على مياه الري سينخفض بنسبة 12% في الأعوام الـ 50 القادمة ، رغم أنها ستظل المستخدم الرئيسي لمياه تكساس بنسبة 42% من تلك الموارد . وتقدر كمية المياه المستخدمة للري في تكساس بين الأعوام 1986 و 2000م بأنها تتراوح بين 8,4 و 12 بليون متر مكعب تأتى 80% منها من المياه الجوفية والتي يتوقع أن ينخفض إنتاجها بنسبة 18% بعام 2050 م بينما سينخفض نصيب تكساس من تكوين الـ Ogallala والذى يستخدم بصورة مكثفة في السهل الجنوبي (Panhandle/South Plain) إلى 24% بعام 2050 . لذا اصبح الترشيد جزءاً هاماً في إدارة الطلب على المياه للسنوات القادمة حتى عام 2050م .
ويعمل حالياً على تقليل أستخدام المياه على مستوى الحقل دون التأثير على الأنتاج وذلك بتحسين تقنيات الري والإدارة ذات الكفاءة العالية في استخدام المياه . ويعتقد أن القياس الدقيق للمياه والمراقبة اللصيقة لرطوبة التربة يمثلان عاملين مهمين لرفع كفاءة الري . فالقياس الدقيق يحدد مدى كفاءة الري ويحدد وجود فواقد مرتبطة بالتسرب من القنوات ويساعد في إعطاء الكمية المحددة لإحتياج النبات مرتبطة بمستوى رطوبة التربة . وتستخدم معلومات رطوبة التربة مع المعلومات المناخية والاحتياجات المائية للنبات (evapotranspiration) لجدولة الري . ولا بد من تصميم الحقول لتناسب الاستخدام الكفء لمياه الري وذلك بتسويتها وتصميم السرابات (furrows) بصور تحافظ على مياه الأمطار والمحافظة على رطوبة التربة .
ويستخدم في تكساس ثلاثة أنواع من الري هي: الري بالراحة (gravity) والرش والتنقيط . وقد تم زيادة الكفاءة وتقليل أستهلاك المياه في الري بالراحة باستخدام صمام السريان العالي (surge flow valve) وإعادة استخدام المياه الواصلة الى نهاية القنوات (tail water) . كما تم زيادة كفاءة الري بالرش بنسبة 20 – 40% بتغيير معدات الرش ذات الضغط العالي بأخرى أكثر كفاءة (LEPA,LESA) .
• تجربة ولاية أريزونا الأمريكية:
تستهلك الزراعة المروية 73% من الموارد المائية في الولاية . وقد كان هذا الاستخدام يستهلك 90% في الماضى الى أنه أنخفض الى هذا النحو نتيجة للتوسع الحضرى على حساب الرقعة الزراعية والاستثمار الواسع في عناصر الترشيد على مستوى الحقل ونظم نقل المياه . هذا الاستثمار ساعد المزارعين في توسيع الإمداد المائي وزيادة الإنتاج والربحية ، كما مكنهم من التعامل مع ظروف ندرة المياه وخفض تكلفة الطاقة ويستجيب لمتطلبات الترشيد الواردة في "Code أريزونا" للمياه الجوفية لعام 1980م . وفيما يلي قائمة نظم الري والممارسات الأدارية التي أدت الى زيادة كفاءة الري بترشيد استخدام المياه .
تبطين قنوات الري بالخرسانة مما قلل من التسرب بصورة كبيرة ومنع الانسداد Water logging للأراضى المجاورة .
أستخدام تقنيات الليزر لتسوية الأراضي مما خفض نحر التربة .
مساواة سطح الري الحوضى مما حسن كفاءة الري وقلل من البخر .
استخدام الري بالرش مما زاد من كفاءة الري ونشر المخصبات وقلل من النحر .
استخدام الري بالتنقيط مما زاد من كفاءة الري وقلل من النحر وقلل من التبخر .
إعادة أستخدام المياه الفائضة في مؤخرة القنوات (Tail Water) مما زاد من كفاءة الري وقلل من الفاقد من المياه وحافظ على نوعية المياه وقلل من النحر .
استخدام نظم دورة المحاصيل (Crop Rotation) مما قلل من نحر التربة وحسن من نوعية المياه .
تحليل نوعية المياه والتربة بصورة دورية مما زاد من إنتاجية ونوعية المحصول وحسن من نوعية المياه وكفاءة نشر المخصبات .
أدى التقدم في دقة قياس سريان المياه الى تحسين كفاءة الري وتقليل نحر التربة .
أدى التحسن في شكل القاع والجوانب للسراب (Furrows) الى زيادة كفاءة الري وحسن من إنتاجية ونوعية المحاصيل كما قلل من نحر التربة .
كما ساعدت جدولة الري بمساعدة المحطات المناخية في ترشيد استخدام المياه وتوفيرها .
ويدعم قطاع الزراعة المروية في أريزونا حزمة من المؤسسات البحثية والتدريبية والتوعوية والإدارية مما يساعد في تطبيق تلك الممارسات التي أدت الى خفض استهلاك المياه وزيادة الإنتاج .
• تجربة من ولاية المكسيك الجديدة (New Mexico, 1999):
تقع جامعة المكسيك الجديدة بمدينة بكيركي في شبه حديقة بمساحة 310 هكتار تحوي ميادين للغولف وكرة القدم ومسطحات خضراء وأشجار . ويتطلب الحفاظ على هذه الخضرة الكثير من الجهد والكثير من المياه النادرة في تلك الولاية . لذا قررت الجامعة تطبيق برامج ترشيدية لخفض هذا الأستهلاك . وقد نجحت الجامعة في خفض الأستهلاك من 1028 مليون جالون في عام 1994م الى 625,7 مليون جالون في عام 1998م أي بنسبة 39% . وقد عمدت الجامعة الى ترشيد في مياه الحدائق وفي داخل مباني الجامعة .
وقد شملت حملة الترشيد بالحدائق النواحي التالية:
تغيير تركيبات النجائل مما أدى الى خفض الاستهلاك بـ 10 – 15% .
أبتكار نوع من التربة يقلل أستهلاك المياه .
البدء في تحديث سبل الري بالرش ووسائل إدارتها أوتماتيكياً وأستخدام الحاسب الآلي مما ساعد في خفض الأستهلاك بنسبة 25 – 35% .
تمتلك الجامعة ميدانين للعبة الغولف وتقدر الجامعة أن ما يعادل 42,2% من المياه المستهلكة في الجامعة تستخدم لري الميدانين . لذا أعطى برنامج الترشيد عناية خاصة بالمرفقين حيث نجحت تلك الجهود في خفض أستهلاك المياه بـ 35,2% . جزء كبير من هذا الخفض كان بسبب تحسين أعمال السباكة . وتضمنت العوامل الأخرى: إطالة جذور النجيلة من 2,5 – 3,75 سنتمتر إلى 7,5 سنتمتر مما زاد من قدرتها لأمتصاص مياه التربة ، تحسين توزيع المخصبات ، الري لأعماق أكثر لإطالة الجذور ، تمشيط النجائل مما يساعد في وصول مياه الري للجذور ، زيادة تهوئة النجائل ، تسجيل المعلومات الحقلية لمعرفة مناطق القصور لمعالجته ، تغيير العديد من رؤوس الرشاشات لضمان التوزيع المتوازن للمياه ، وإزالة الرشاشات غير الضرورية . وقد شمل برنامج الترشيد الأستهلاك في داخل المباني متبعاً أحدث أساليب الترشيد .
• تجربة المعهد العالمي لأبحاث الأرز بالفلبين (ICID):
يهتم المعهد بترشيد استخدام المياه لرى الأرز حيث تستخدم أكثر من 90% من الاستخدام الزراعي في آسيا لرى الأرز . كما تبلغ كمية الأرز المنتج بالري 75% من الـ580 مليون طن التي تنتج سنوياً كغذاء لنصف سكان الكرة الأرضية . ومن المتوقع أن ترتفع هذه الكمية الى 800 مليون طن في ظرف 30 عاماً . هنالك ممارسات غير رشيده منها: استخدام المزارع لكمية من المياه تبلغ 2 – 3 من الاحتياجات الفعلية لنبات الأرز ، وتضيع 50% من المياه المستخدمة للتحضير بأنسيابها تحت مستوى الأعماق المفيدة لللنبات ، وتتفاقم كمية المياه الضائعة بإطالة المزارع لهذه الفترة التحضيرية ، كما تضيع حوالي 50 – 80% أثناء فترة نمو النبات نتيجة للتسرب العميق ، ويقدر البعض أن كمية المياه المستخدمة لإنتاج 1 كيلو من الأرز تبلغ 5000 لتر . وقد عمد المعهد الى وسائل عديدة لزيادة كفاءة الري وتقليل الفاقد من المياه بأساليب إدارية وأخرى تقنية أثبتت نجاحاً كبيراً .
• تجربة الهيئة العالمية للري والصرف (ICID):
تبدى الـ ICID إهتماماً كبيراً بأمر ترشيد استخدام المياه في الري وقد أنشأت حركة "Watsave" ضمن أعلان الهيئة في عام 1993م بهدف ترشيد أستخدام المياه في ري المزروعات . وقد أصدرت في عام 1995م كتيباً عن ترشيد استخدام المياه بناءاً على معلومات جمعتها من أعضائها من الدول المتوسعة في مجال الري . ومن بعد ذلك أرسلت أستجواباً مفصلاً (questionaire) الى 66 من الدول الأعضاء مستفسرة عن تجارب الترشيد في دولهم .
وقد أستجاب لهذا النداء 27 دولة تغطي 60% من الأراضي المروية في العالم وقد تم تحليل تلك النتائج بصورة جيدة تعطى أمثلة للنجاحات في العديد من تلك الدول . وقد تم أستخدام نتائج هذا العمل في نقل تجارب العديد من الدول في هذا الفصل . وقد أستفادت الهيئة من نتائج هذه التجربة في التخطيط الى تدخلاتها المستقبلية في مجال ترشيد المياه في الزراعـة . وتعمل الهيئة حالياً في تطبيق برامج توعوية تبرز الضغوطات الحالية ومحدودية الموارد المائية المتجددة في العالم وضرورة العمل بجدية لخلق توازن بين تلك الموارد والطلب عليها . وستواصل جهودها في توزيع الممارسات العالمية الناجحة من الترشيد الى جميع دول العالم بهدف الأستفادة منها وإعادة تطبيقها في دولها . كما تعد عدة برامج تحوي جوائز وحلقات تدريبية ومؤتمرات ضمن Watsave . ويقترح هنا للقارىء أن يواصل متابعة تلك الأنجازات في الموقع الإلكتروني للهيئة .
• تجارب منظمات الأمم المتحدة:
تهتم العديد من منظمات الأمم المتحدة بالترشيد لاستخدامات المياه في الزراعة وعلى رأسها منظمة الأغذية والزراعة (FAO) ومراكز البحوث الزراعية التابعة للبنك الدولي (CGIAR) وغيرها . وقد أعدت ووزعت منظمة الأغذية والزراعة العديد من المطبوعات حول الأحتياجات الفعلية للمياه لمختلف المزروعات . وتجد مثل تلك المطبوعات رواجاً كبيراً في مؤسسات البحوث الزراعية والجامعات ، إلا أن الاستفادة منها على مستوى الحقل ما زال أقل من المطلوب . ومن الأنجازات الحديثة نموذج يربط عوامل كثيرة أهمها مستوى الأنـتاج وأستهلاك المياه وهو "Aquacrop-FAO's Crop Water Productivity Model" وقد صمم هذا النموذج بصورة تسهل أستخدامه بواسطة العاملين في التوعية الزراعية ومستخدمي الدولة والمنظمات الأهلية وأنواع مختلفة من تنظيمات المزارعين . ويمكن أستخدام هذا النموذج في النواحي التالية:
تقييم حجم الأنتاج في مناطق جغرافية مختلفة تحت ظروف محدودية المياه .
أداة لمقارنة الأنتاج الممكن مع الأنتاج الواقعي لمعرفة أسباب الفروقات ومن ثم معالجتها .
تقييم الأنتاج المطرى للمدى البعيد .
جدولة الري لإعطاء الأنتاج الأعلى لمختلف الظروف المناخية .
جدولة الري الناقص (deficit) والري الداعم (supplemental) .
تقييم لآثار برامج الري الثابت (fixed delivery) في كمية الأنتاج .
تمثيل تواترات المحصول (simulating crop sequences) .
تحليل سناريوهات المناخ المستقبلية .
إيجاد الفائدة القصوى من المياه المحدودة المتاحة .
تقييم تأثير الخصوبة المنخفضة وتداخل المياه مع الخصوبة في الإنتاج .
تقييم إنتاجية المياه الحقيقية (حيوية واقتصادية) على مستوى الحقل والى مستوى المنطقة .
تدعيم القرار حول توزيع المياه ومتطلبات السياسة المائية .
تقييم دور المياه في تفاعل المحاصيل المختلفة نحو تحديد الإنتاجية .
وسيكون لهذا النموذج دور مفيد في أي برامج لترشيد استخدام المياه وربطها بأقتصاديات الإنتاج ويمكن الحصول على معلومات أكثر حوله من
(http://www.fao.org/nr/water/aquacrop.html)
• خاتمة:
تشير التجارب التي تم أستعراضها الى أن هنالك أعترافاً من الجميع بأن النمط الحالى لاستخدام المياه للري سوف لن يستمر على نفس المنوال المسرف وبتلك الكفاءة الضئيلة التي تبدد موارد متجددة محدودة ومعرضة للتناقص نتيجة للتلوث والتغير المناخي . ورغم الأعتراف أيضاً بأن حاجة سكان العالم للغذاء والملبس والسكن متزايدة حسب زيادة سكان العالم وتزايد إحتياجاتهم مع نمو مستوى حياتهم الاقتصادية والاجتماعية إلا أن هنالك العديد من الدراسات والتقنيات الحديثة ووسائل الإدارة المتقدمة والسياسات المائية التي تبشر بإمكانية زيادة الإنتاج ومضاعفته بنفس كمية المياه المستخدمة حالياً أذا تم أتباع الخطوات الترشيدية المناسبة . وقد تم أستعراض بعض تلك النجاحات ولكن الطريق ما زال طويلاً نحو تقليل أستهلاك المياه وزيادة العائد منها خاصة في الدول التي تشكو من ندرة في مواردها المائية، مثل غالب بلداننا العربية.
5. List of References
المبادرة الإقليمية لإدارة الطلب على المياه (وادي مينا Wadimena) ، سلسلة تقارير باللغة العربية ، IDRC/IFAD w.idrc.ca/wadimena)(ww .
1. Abdou, N. 2009. The Experience of the Alexandria Water Company in Reducing Water Losses, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publications Series, UNU, Bonn, Germany.
2. Abdulbari, M. and S Abdulkayum, 2006. Urban Water Conservation: Bangladesh Perspective, International Workshop on Innovation in Water Conservation, 21 – 23 February 2006, RCUWM/UNESCAP Publication, Tehran, Iran.
3. Abdulgany, A.H. 2006. General Review of Water Conservation Practices in Indonesia, Problems and Perspectives, International Workshop on Innovations in Water Conservation, 21 – 23 February 2006, RCUWM/UNESCAP Publication, Tehran, Iran.
4. Ardakanian, R and J.L. Martin – Bordes (editors), 2009. Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication Series, UNU, Bonn, Germany.
5. Arriyadh Development Authority (ADA), 1989. Domestic Water Conservation, An Internal Report prepared by Prof. John Pickford of WEDC as a Contribution to Arriyadh Rising Groundwater Management Study, Riyadh, Saudi Arabia.
6. Bayoumi, S., A. Khalifa, M. Takeuchi and A. Talib, 2009. Reducing UFW in Egypt: Case Study of Sharkia Potable Water and Sanitation Company (SHAP-WSCO), Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solution, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication Series, UNU, Bonn, Germany.
7. Bidgoli, A.M. and A.A. Ghazali, 2009. Water Losses Programme in Iran, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Losses Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication Series UNU, Bonn, Germany.
8. Bley, D. and G Klein, 2009. Country Analysis Report, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Losses Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication Series, UNU, Bonn, Germany.
9. Chanda, O.M. 2009. Water Loss Reduction in Lusaka City. The Regulatory Influence, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Losses Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No. 1, UNW-DPC Publication Series, UNU, Bonn, Germany.
10. Cooley, H., J. Christian-Smith and P.H. Gleik, 2008. More with Less: Agricultural Water Conservation and Efficiency in California (A Special Focus on the Delta), Pacific Institute (www.pacinst.org/reports/more_with_less_delta), Okland, California.
11. Creutzburg, C. and A.G. Gelsenwasser, 2009. Persevering Efforts to Reduce Water Losses, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Losses Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication Series, UNU, Bonn, Germany.
12. Csore, C.J.2009. Changing in Water Loss Management and Corporate Culture at Budapest Water Works, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Losses Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication Series, UNU, Bonn, Germany.
13. De Jong, R.L. (editor). 1987. Water Conservation in Arid Regions; King Fahad University of Petroleum and Minerals, Damam, Saudi Arabia.
14. Department of Water Affairs and Forestry (South Africa), 2007. Water Conservation Strategy for the Industry, Mining and Power Generation User Sector, First External Draft.
15. Dinar, A. and A. Subramanian (editors), 1997. Water Experiences An International Perspective. World Bank Technical Paper No.386, The Word Bank, Washington, USA.
16. Elramahi, M.A. 2009. Abu Dhabi Water Sector Experience in Water Losses Reduction, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Losses Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication Series, UNU, Bonn, Germany.
17. Hussain, S.M. 2006. Country Paper – India, International Workshop on Innovations in Water Conservation, RCUWM-UNESCAP Publication, Tehran, Iran.
18. International Commission on Irrigation and Drainage, The Watsave Scenaio. Role of Dams for Irrigation, Drainage and Flood Control, ICID, Position Paper.
19. Martin, W. E., H.M. Ingram, N.K. Laney and A.H. Griffin, 1984. Saving Water in Desert City, Resources for the Future, Washington DC.
20. Maximovic, C. and J.A. Tejada – Guibert (editors). 2001. Frontiers in Urban Water Management. Deadlock or Hope. UNESCO/IWA Publishing, UNESCO/IHP, Paris, France.
21. May, L.W. (editor). 2009. Integrated Urban Water management: Arid and Semi-arid Regions, Urban Water Series – UNESCO/IHP, UNESCO Publishing, CRC Press, Taylor and Francis.
22. Meuss, M. and S. Cramel. 2009. Water Loss Reduction in Jordan – Perspectives of kfW and GTZ, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceeding No.1, UNW-DPC Publication Series, UNU, Bonn, Germany.
23. Muhairwe, W. and M. Lutaaya. 2009. Incremental Efforts to Address the Challenges of Water Loss Reduction in Water Supply System: The NWSC Uganda Experience, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solution, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication Series, UNU, Bonn, Germany.
24. New Mexico Office of the State Engineer, 1999. A Water Conservation Guide for Commercial, Institutional and Industrial Users, 1-800-WATER-NM, Prepared by Schultz Communications, Albuquerque, New Mexico, USA.
25. Paracampos, F. 2009. Heading for an Efficient Water Loss Control: Sao Paulo Experience, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication, UNU, Bonn, Germany.
26. Pasklev, A. 2009. Some Political and Institutional Challenges for Water Loss Reduction in Bulgaria, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication, UNU, Bonn, Germany.
27. Reik, J. 2009. The Leipzig Model-Success of A Water and Wastewater Utility in Transition with Water Loss Reduction, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication, UNU, Bonn, Germany.
28. Reyes, F. 2009. Nicaragua: City of Managua, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication, UNU, Bonn, Germany.
29. Reyes, H. 2009. Sedpal's Experience in the Reduction of Water Loss, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication, UNU, Bonn, Germany.
30. Rudolph, K. U. 2009. Economic Aspects of Water Loss Reduction, Proceedings of the International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNU-DPC Publication, UNU, Bonn, Germany.
31. Salih, A.M.S. 1988. Evapotranspiration Under Extremely Arid Climate. Civil Engineering Practice 5, Lancaster Techneconomic Publishing AG.
32. Salih, A.M.A. and A.A.G.Ali, 1992. Water Security and Sustainable Development, Nature and Resources, Volume 28, Number 1.
33. Shangbao, Y. 2006. The Development and Outlook of Water Conservation and Improving Water Efficiency in China, International Workshop on Innovations in Water Conservation, RCUWM-UNESCAP Publication RCUWM, Tehran, Iran.
34. Seifi, F. 2006. A Highly Valuable Experience in Water Saving, International Workshop on Innovations in Water Conservation, RCUWM-UNESCAP Publication, Tehran, Iran.
35. Stoin, R. 2009. Knowledge Shapes Tight Networks: El-Learning Shapes Knowledge. Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNU-DPC Publication, UNU, Bonn, Germany.
36. Taylor, L. and P. Fleming. 2006. Urban Water Conservation Activities and Trends in Australia, International Workshop on Innovations in Water Conservation, RCUWM-UNESCAP Publication, RCUWM, Tehran, Iran.
37. Texas Water Development Board (Conservation). Be Water Smart for Today and Tomorrow, Austin, Texas, USA (www.twdb.state.tex.us).
38. Trow, S. 2009. The Work of the International Water Association (AWA) Water Loss Task Force (WLTF) and the Factors Involved in Setting Targets and Strategies for Water Loss Reduction, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication, UNU, Bonn, Germany.
39. Tyler, S. 2007. Water Demand Management, Poverty and Equity, Regional Water Demand Initiative (Wadimena), IDRC/IFAD, Cairo, Egypt.
40. Vickers, A. 2002. Handbook of Water Use and Conservation, Water Plow Press, Amherst, Massachusetts.
41. Villalba, O.F.M. 2009. Sectoring of Drinking Distribution Network of Mexico City. Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceedings No.1, UNW-DPC Publication, UNU, Bonn, Germany.
42. Wainwright, G. 2001. Water Conservation in Water Intensive Industry, Clearwaters, Vol. 31, No.3.
43. World Water Development Report (WWDR1). 2003. WWAP, UN Water, UNESCO, Paris, France.
44. World Water Development Report (WWDR2). 2006. WWAP, UN Water, UNESCO, Paris, France.
45. World Water Development Report (WWDR3). 2009. WWAP, UN Water, UNESCO, Paris, France.
46. Zuriekat, T. 2009. The Case of the Mabada Micro Public-Private Partnership, Proceedings of International Workshop on Drinking Water Loss Reduction: Developing Capacity for Applying Solutions, Proceeding No.1, UNW-DPC Publication, UNU, Bonn, Germany.
Water conservation
Ref:
1. http://geoscape.nrcan.gc.ca/h2o/gulf/conservation_e.php
2. http://www.eartheasy.com/live_water_saving.htm
3. http://search.mywebsearch.com/mywebsearch/GGmain.jhtml?searchfor=water+conservation+methods&ptnrS=ZRman000&st=bar
4. http://search.mywebsearch.com/mywebsearch/GGmain.jhtml?searchfor=water+conservation+techniques&ptnrS=ZRman000&st=bar
ليست هناك تعليقات